الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوۤاْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }

{ وما كان المؤمنون لينفروا كافة } اللام لتأكيد النفى اى ما صح وما استقام لهم ان ينفروا اى يخرجوا جميعا لنحو غزو او طلب علم كما لا يستقيم لهم ان يتثبطوا جميعا فان ذلك مخل بامر المعاش { فلولا نفر } بس جرا بيرون نرود فلولا تحضيضية مثل هلا وحرف التحصيص اذا دخل على الماضى يفيد التوبيخ على ترك الفعل والتوبيخ انما يكون على ترك الواجب فعلم منه ان الفعل واجب وان قوله فلولا نفر معناه الامر بالنفير وايجابه { من كل فرقة منهم طائفة } اى من كل جماعة كثيرة كقبيلة واهل بلدة جماعة قليلة. ودلت الآية على الفرق بين الفرقة والطائفة بان الفرقة اكثر من الطائفة لان القياس ان ينتزع القليل من الكثير والطائفة تتناول الواحد فما فوقه { ليتفقهوا فى الدين } ليتكلفوا الفقاهة فى الدين ويتجشموا مشاق تحصيلها والفقه معرفة أحكام الدين { ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم } وليجعلوا غاية سعيهم ومعظم غرضهم من الفقاهة ارشاد القوم وانذارهم وذكر الانذار دون التبشير لانه اهم والتخلية بالمعجمة اقدم من التحلية بالمهملة { لعلهم يحذرون } ارادة ان يحذر قومهم عما ينذرون منه. وفى الآية دليل على ان التفقه والتذكير من فروض الكفاية وانه ينبغى ان يكون غرض المتعلم الاستقامة والاقامة لا الترفع على الناس بالتصدر والترأس والتبسط فى البلاد بالملابس والمراكب والعبيد والاماء كما هو ديدن ابناء الزمان والله المستعان. فينبغى ان يطلب المتعلم رضى الله والدار الآخرة وازالة الجهل عن نفسه وعن سائر الجهال واحياء الدين وابقاء الاسلام فان بقاء الاسلام بالعلم ةلا يصح الزهد والتقوى بالجهل
علم آمد دليل آكاهى جهل برهان نقض وكمراهى بيش ارباب دانش وعرفان كى بود اين تمام وآن نقصان   
وينبغى لطالب العلم ان ينوى به الشكر على نعمة العقل وصحة البدن وسلامة الحواس عملا بقوله تعالىوالله اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والابصار والافئدة لعلكم تشكرون } النحل 78. وينبغى لطالب العلم ان يختار الاستاذ الاعلم والاروع والاسن بعد التامل التام كما اختار ابو حنيفة رضى الله عنه حماد قال دخلت البصرة فظننت ان لا اسال عن شيء الا اجبت عنه فسالونى عن اشياء لم يكن عندى جوابها فحلفت على نفسى ان لا افارق حمادا فصحبته عشرين سنة وما صليت قط الا ودعوت لشيخى حماد مع والدى ففى انفاس الاساتذة الصالحين ودعوات الرجال الكاملين تاثيرات عجيبة -كما حكى- ان ابا ابى حنيفة ثابتا اهدى الفالوذج لعلى بن ابى طالب يوم النيروز ويوم المهرجان فدعا له ولاولاده بالبركة وكان ثابت يقول انا فى بركة دعوة صدرت من على رضى الله عنه حتى كان يفتخر اولاده العلماء بذلك فاذا وجد الطالب الاستاذ العالم العامل فعليه ان يختار من كل علم احسنه وانفعه فى الآخرة فيبدأ بفرض العين وهو علم ما يجب من اعتقاد وفعل وترك ظاهرا وباطنا ويقال له عن علم الحال الا العلم المحتاج اليه فى الحال.

السابقالتالي
2 3 4