الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبْتُ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }

{ إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ } وقرئ بالبناء للفاعل وهو الله سبحانه، ونصب السبت وقرأ ابن مسعود إِنا أنزلنا السبت، { عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ } أى إِنما جعل الله وبال السبت وهو المسخ على الذين اختلفوا فيه بأَن أحل الصيد فيه تارة وحرموه أُخرى وكان الواجب عليهم أن يتفقوا فى تحريمه على كلمة واحدة بعد ما حتم عليهم الصبر عن الصيد ـ فيه وتعظيمه، وذلك أن الله أوجب على اليهود الصبر عن الصيد فيه وتعظيمه على لسان موسى فاحتالوا للصيد فكان بعض يقول إِنما نهينا عن أكله فكانوا يصيدون ولا يأْكلون إِلا بعد السبت وبعض يقول إِنما نهينا عن أخذه فكانوا يتخذون حياضاً على الساحل يجتمع فيه يوم السبت فيأْخذونه بعده وبعض لا يصيد فيه فمسخ الذين يصصادون قردة وخنازير فى زمان داود، وقيل إِن الله تعالى أمرهم أن يتفرغوا للعبادة يوم الجمعة فأَبوا إِلا طائفة منهم، فقالوا نريد يوم السبت، لأَنه سبحانه فرغ فيه من خلق السماوات والأَرض فألزمهم الله السبت وشدد الأَمر عليهم فذلك هو اختلافهم على نبيهم موسى، وقيل إِن موسى هو المعين لهم يوم الجمعة فبدلوه بالسبت إِلا قليلا فهم راضون بالجمعة فأَذن لهم فى السبت فشدد عليهم بتحريم الصيد فيه فرضى به الراضون بالجمعة فلم يصيدوا وكذا المختارون للسبت ثم جاءت أعقابهم فصادوا فمسخوا، وقيل اصطاد أيضاً مختار السبت، وقيل لما رضى القليل بالجمعة راجعهم الجمهور فاتبعوهم فى اختيار السبت وعن الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس أن موسى أمرهم بتعظيم الجمعة والتفرغ فيه عن الأَشغال للعبادة فأَبوا إِلا السبت، ثم جاء عيسى عليه السلام بيوم الجمعة، فقالوا لا نريد أن يكون عيدهم عيدنا، فاتخذوا الأَحد فأعطى الله تبارك وتعالى هذه الأُمة الجمعة فقبلوها، فبورك لهم فيها. قال الربيع بن حبيب، عن أبى عبيدة، عن جابر ابن زيد عن أبى هريرة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " نحن الأَولون والآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتيناه من بعدهم هذا يومهم الذى فرض عليهم فاختلفوا فيه فهداه الله إِليه والناس فيه تبع اليهود غدا والنصارى بعد غد " ، ومثله للبخارى ومسلم والظاهر أن الاختلاف المذكور فى الحديث هو الذى فى الآية، وقيل الذى فيها بين اليهود، والذى فى الحديث بين اليهود والنصارى وفى رواية لمسلم " نحن الآخرون الأولون يوم القيامة ونحن أول من يدخل الجنة " وفى رواية له أيضاً، " أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا وكان لليهود يوم السبت وللنصارى يوم الأَحد، فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة فجعل الجمعة والسبت والأَحد ولذلك هم لنا تبع يوم القيامة نحن الآخرون فى الدنيا الأَولون يوم القيامة المقضى لهم قبل الخلائق "

السابقالتالي
2 3