الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَٱلْعَاكِفِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ }

قوله: { وَإِذْ جَعَلْنَا } معطوف على وإذ ابتلى وما قدر هناك يقدر هنا، وجعل إن كانت بمعنى خلق نصبت مفعولاً واحداً وهو البيت ومثابة حال منه وإن كانت بمعنى صير نصبت مفعولين البيت أول ومثابة معفول ثان، وللناس جار ومجرور متعلق يجعلنا أو بمحذوف صفة لمثاب. قوله: (الكعبة) أشار بذلك إلى أن آل في البيت للعهد. قوله: { مَثَابَةً } يحتمل أن يكون مصدراً ميمياً وهو الذي درج عليه المفسر بقوله مرجعاً ويتحمل أن يكون ظرف مكان أي محل رجوع يرجع إليه المرة بعد المرة، أو المراد محل ثواب أي إن من لاذ به حصل له من الثواب ما لا يحصل له في غيره لما ورد ينزل من السماء مائة وعشرون رحمة على البيت ستون للطائفين وأربعون للمصلين وعشرون للناظرين وأصل مثابة مثوبة تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفاً. قوله: { وَأَمْناً } إما مصدر باق على مصدريته أو بمعنى اسم الفاعل أو ظرف مكان أي محل أمن وعليه درج المفسر، وعلى كونه اسم فاعل فالإسناد مجاز أي آمنا من دخله. خير ما فسرته بالوارد. قال تعلى:وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً } [آل عمران: 97] قوله: (فلا يهيجه) أي لا يزعجه ولا يؤاخذه بما فعل وكان البيت معظماً في الجاهلية ففي الإسلام أولى ولذا قال ابن العباس: إن معصيته تضاعف لأنه يشدد على من في الحضرة ما لا يشدد على غيره، قال بعضهم:
لقد أسرك من يرضيك ظاهره   ولقد أبرك من يعصيك مستتراً
قوله: { وَٱتَّخِذُواْ } أمر إما معطوف على ما تضمنه قوله مثابة تقديره فتوبوا واتخذوا أو مستأنف مقول لقول محذوف تقديره وقال الله لهم اتخذوا قوله: (أيها الناس) فيه حذف حرف النداء وهذا على قراءة الأمر. قوله: { مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ } يحتمل أن من تبعيضية أو زائدة في الإثبات على مذهب الأخفش أو بمعنى في كل بعيد والأقرب أنها بمعنى عند، والسنة سنت أن الصلاة خلفه بأن يكون الحجر بين المصلي والكعبة. قوله: (هو الحجر) ورد أن طوله ذراع وعرضه كذلك، وقد نزل هو والحجر الأسود مع آدم من الجنة وهما ياقوتتان من يواقيتها، ولولا مس الكفار لهما لأضاءا ما بين المشرق والمغرب. قوله: (عند بناء البيت) أي بناؤه كان متأخراً عن بناء مكة فجرهم بنوا مكة أولاً وإبراهيم بنى البيت ثانياً، وذلك أن إبراهيم لما جاء بأم اسماعيل وابنها وهي ترضعه وضعهما عند مكان البيت وليس هناك يومئذ بناء ولا أحد، فعطشت واشتد عليها الأمر، فجاءها جبريل فبحث بعقبة أو بجناحه موضع زمزم حتى ظهر الماء فصارت تشرب منه، فاستمرت كذلك هي وولدها حتى مرت بهم طائفة من جرهم فقالوا لها أتأذنين أن ننزل عندك قالت نعم ولكن لا حق لكم في الماء قالوا نعم فنزلوا عندها وبنوا مكة، فلما شب إسماعيل وأعجبهم زوجوه امرأة منهم.

السابقالتالي
2