الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَٰهِيمُ ٱلْقَوَاعِدَ مِنَ ٱلْبَيْتِ وَإِسْمَٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }

{ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرٰهِيمُ ٱلْقَوَاعِدَ مِنَ ٱلْبَيْتِ } عطفٌ على ما قبله من قوله عز وعلا: { وَإِذْ قَالَ إِبْرٰهِيمُ } على أحد الطريقين المذكورين في (وإذ جعلنا) وصيغةُ الاستقبال لحكايةِ الحالِ الماضيةِ لاستحضار صورتها العجيبةِ المنبثقة عن المعجزةِ الباهرةِ، والقواعدُ جمع قاعدة وهي الأساسُ صفةٌ غالبة من القعود بمعنى الثبات، ولعله مجازٌ من مقابل القيام ومنه قعدك الله، ورفعِه البناءَ عليها لأنه ينقُلها من هيئة الانخفاض إلى هيئة الارتفاعِ، والمرتفعُ حقيقة وإن كان هو الذي بُني عليها لكنهما لمّا التأما صارا شيئاً واحداً فكأنها نمت وارتفعت، وقيل: المراد بها ساقاتُ البناء فإن كل ساقٍ قاعدةٌ لما يبنىٰ عليها ويرفعها بناءَ بعضِها على بعض، وقيل: المرادُ برفعها رفعُ مكانةِ البـيت وإظهارُ شرفِه ودعاءُ الناس إلى حجِّه، وفي إبهامها أولاً ثم تبـيـينِها من تفخيم شأنها ما لا يخفىٰ وقيل: المعنى وإذ يرفع إبراهيمُ ما قعد من البـيت واستوطأ، يعني يجعل هيئةَ القاعدةِ المستَوطَأةِ مرتفعةً عالية بالبناء، رُوي أن الله عز وجل أنزل البـيتَ ياقوتةً من يواقيت الجنة له بابانِ من زُمُرُّذ شرقي وغربـي وقال لآدمَ: أهبطتُ لك ما يُطاف به كما يطاف حول عرشي فتوجه آدمُ من أرضِ الهندِ إلى مكةَ ماشياً وتلقَتْه الملائكةُ فقالوا: بَرَّ حجَّك يا آدمُ لقد حجَجْنا هذا البـيتَ قبلك بألفي عام، وحج آدمُ عليه السلام أربعينَ حجةً من أرض الهند إلى مكةَ على رجليه فكان على ذلك إلى أن رفعه الله أيامَ الطوفان إلى السماءِ الرابعةِ فهو البـيتُ المعمور وكان موضعُه خالياً إلى زمن إبراهيمَ عليه السلام فأمره سبحانه ببنائه وعرَّفه جبريلُ عليه السلام بمكانه وقيل: بعث الله السكينةَ لتدلَّه عليه فتبعها إبراهيم عليه السلام حتى أتى مكة المعظّمة. وقيل: بعث الله سَحابةً على قدْرِ البـيت وسار إبراهيمُ في ظلها إلى أن وافت مكةَ المعظمةَ فوقفت على موضع البـيت فنُودي أنِ ابْنِ علىٰ ظلّها ولا تزدْ ولا تنقُصْ. وقيل: بناه من خمسة أجبُل: طورِ سَيْناء، وطورِ زيتا، ولبنانَ، والجُوديِّ وأسّسه من حِراءَ. وجاء جبريلُ عليه السلام بالحجر الأسود من السماء. وقيل: تمخّض أبو قُبَـيْس فانشقَّ عنه وقد خُبِىءَ فيه في أيام الطوفان وكان ياقوتةً بـيضاءَ من يواقيتِ الجنة فلما لمستْه الحُيَّضُ في الجاهلية اسودّ. وقال الفاسيّ في مثير الغرام في تاريخ البلد الحرام والذي يتحصل من جملة ما قيل في عدد بناء الكعبة أنها بنيت عشرَ مرات منها بناءُ الملائكة عليهم السلام ذكره النووي في تهذيب الأسماءِ واللغات والأزرقيُّ في تاريخه وذكر أنه كان قبل خلقِ آدمَ عليه السلام ومنها بناءُ آدمَ عليه السلام ذكره البـيهقي في دلائل النبوة وروىٰ فيه عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

السابقالتالي
2 3