الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ }

قوله تعالى: { مِن قَبْلِكُمْ }: متعلقٌ بـ " أَهْلكنا " ، ولا يجوز أن يكونَ حالاً من " القرون " لأنه ظرف زمان فلا يقع حالاً عن الجثة كما لا يقع خبراً عنها. وقد تقدَّم تحقيق هذا في أول البقرة، وقد تقدَّم الكلامُ على " لمَّا " أيضاً.

قوله: { وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم } يجوز أن يكون معطوفاً على " ظلموا " فلا محلَّ له عند سيبويه، ومحله الجر عند غيره، لأنه عطف على ما هو في محلِّ جرٍ بإضافة الظرف إليه، ويجوز أن يكونَ في محلِّ نصبٍ على الحال، أي: ظلموا بالتكذيب وقد جاءتهم رسلُهم بالحُجَجِ والشواهد على صدقهم و " بالبينات " يجوزُ أن يتعلَّق بـ " جاءتهم " ، ويجوز أن يتعلَّق بمحذوفٍ على أنه حالٌ من " رسلهم " [أي:] جاؤوا ملتبسين بالبينات مصاحبين لها.

قوله: { وَمَا كَانُواْ } الظاهرُ عَطْفه على " ظلموا ". وجَوَّز الزمخشري أن يكونَ/ اعتراضاً قال: " واللامُ لتأكيد فني إيمانهم، ويعني بالاعتراض كونَه وقع بين الفعل ومصدرهِ التشبيهي في قوله " كذلك نَجزي ". والضميرُ في " كانوا " عائد على " القرون ". وجَوَّز مقاتل أن يكونَ ضميرَ أهل مكة، وعلى هذا يكونُ التفاتاً إذ فيه خروجٌ من ضمير الخطاب في قوله " قبلكم " إلى الغَيْبة، والمعنىٰ: وما كنتم لتؤمنوا، و " كذلك " نعتٌ لمصدرٍ محذوف، أي مثلَ ذلك الجزاء نجزي. وقُرِىء " يَجْزي " بياء الغيبة، وهو التفاتٌ من التكلم في قوله " أَهْلكنا " إلى الغَيْبة.