الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يٰبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } * { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ ٱشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ ٱلْمَصِيرُ } * { وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

قوله تعالى: { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ } أي واذكر يا محمد مقالة لقمان لابنه، وفي اسم ابنه ثلاثة أقاويل:

أحدها: مشكم، قاله الكلبي.

الثاني: أنعم، حكاه النقاش.

الثالث: بابان.

{ وَهُوَ يَعِظُهُ } أي يُذكِرُهُ ويؤدبه.

{ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكَ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } يعني عند اللَّه، وسماه ظلماً لأنه قد ظلم به نفسه، وقيل إنه قال ذلك لابنه وكان مشركاً، وقوله { يَا بُنَيَّ } ليس هو حقيقة التصغير وإن كان على لفظه وإنما هوعلى وجه الترقيق كما يقال للرجل يا أُخَيّ. وللصبي هو كُوَيّس.

قوله تعالى: { وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ } يعني براً وتحنناً عليهما. وفيهما قولان:

أحدهما: أنها عامة وإن جاءت بلفظ خاص والمراد به جميع الناس، قاله ابن كامل.

الثاني: خاص في سعد بن أبي وقاص وُصي بأبويه؛ واسم أبيه مالك واسم أمه حمنة بنت أبي سفيان بن أمية، حكاه النقاش.

{ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: معناه شدة على شدة، قاله ابن عباس.

الثاني: جهداً على جهد. قاله قتادة.

الثالث: ضعفاً على ضعف، قاله الحسن وعطاء. ومن قول قعنب ابن أم صاحب:

هل للعواذل من ناهٍ فيزجرها   إن العواذل فيها الأيْنُ والوهن
يعني الضعف.

ثم فيه على هذا التأويل ثلاثة أوجه:

أحدها: ضعف الولد على ضعف الوالدة، قاله مجاهد.

الثاني: ضعف نطفة الأب على نطفة الأم، قاله ابن بحر.

الثالث: ضعف الولد حالاً بعد حال فضعفه نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظماً سوياً ثم مولوداً ثم رضيعاً ثم فطيماً، قاله أبو كامل.

ويحتمل رابعاً: ضعف الجسم على ضعف العزم.

{ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ } يعني بالفصال الفطام من رضاع اللبن.

واختلف في حكم الرضاع بعد الحولين هل يكون في التحريم كحكمه في الحولين على أربعة أقاويل:

أحدهما: أنه لا يحرم بعد الحولين ولو بطرفة عين لتقدير الله له بالحولين ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لاَ رَضَاعةَ بَعْدَ الحَولَينِ " وهذا قول الشافعي.

الثاني: أنه يحرم بعد الحولين بأيام، وهذا قول مالك.

الثالث: يحرم بعد الحولين بستة أشهر استكمالاً لثلاثين شهراً لقوله:وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً } [الأحقاف: 15] قاله أبو حنيفة.

الرابع: أن تحريمه غير مقدر وأنه يحرم في الكبير كتحريمه في الصغير، وهذا قول بعض أهل المدينة.

{ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ } أي اشكر لي النعمة ولوالديك التربية. وشكر الله بالحمد والطاعة وشكر الوالدين بالبر والصلة، قال قتادة: إن الله فرق بين حقه وحق الوالدين وقال اشكر لي ولوالديك.

{ إِلَيَّ الْمَصِيرُ } يعني إلى اللَّه المرجع فيجازي المحسن بالجنة والمسيء بالنار، وقد روى عطاء عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2