قولهُ تعالى: { هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ }؛ أي دلائلَ توحيدهِ ومصنوعاتهِ التي تدلُّ على قدرته من السَّماء والأرضِ، والشمسِ والقمرِ، والنجومِ والسَّحاب وغيرِ ذلك، { وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ رِزْقاً }؛ يعني المطرَ الذي يسببُ الأرزاقَ، { وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ }؛ أي ما يتَّعِظُ بهذه المصنوعاتِ. وَقِيْلَ: معناهُ: وما يتَّعِظُ بالقرآن إلاَّ من يرجعُ إلى دلائلِ الله فيتدبَّرها.
ثم أمَرَ المؤمنين بتوحيدهِ فقالَ: { فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ }؛ أي مخلصين له الطاعةَ موحِّدين، { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ }؛ منكُم ذلكَ.
ثم عظَّمَ تعالى نفسَهُ فقالَ: { رَفِيعُ ٱلدَّرَجَاتِ ذُو ٱلْعَرْشِ }؛ أي رافعُ درجاتِكم، والرفيعُ بمعنى الرافعِ، والمعنى: أنه يرفعُ درجات الأنبياءِ والأولياء في الجنَّة. قَوْلُهُ تَعَالَى: { ذُو ٱلْعَرْشِ } أي خالِقهُ ومالِكهُ، { يُلْقِي ٱلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ } ، أي ينزل الوحي، { عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ }؛ أي على مَن يختصُّ بالنبوَّة والرسالةِ، { لِيُنذِرَ }؛ ذلك النبيُّ الموحَى إليه، { يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ }؛ أي يومَ القيامةِ، وسُمي يومَ التَّلاَقِ؛ لأنه يلتقِي فيه أهلُ السماوات والأرضِ، والمؤمنون والكافرونَ والظالمون والمظلُومون، ويلتقِي المرءُ فيه بعملهِ، وقرأ الحسنُ: ( { لِتُنْذِرَ } بالتاء (يَا مُحَمَّدُ يَوْمَ التَّلاَقِ) أي لِتُخَوِّفَ فِيْهِ)، وقرأ العامةُ بالياء، أي ليُنذِرَ اللهُ.