الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّن ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

قوله: { وَأُخْرَىٰ }: فيها خمسةُ أوجهٍ، أحدُها، أنَّها في موضِع رفعٍ على الابتداءِ، وخبرُها مقدَّر أي: ولكم أو ثَمَّ، أو عنده خَصْلَةٌ أخرى، أو مَثُوْبةٌ أخرى. و " تُحبُّونها " نعتٌ لها. الثاني: أن الخبرَ جملةٌ حُذِفَ مبتدَؤُها تقديرُه: هي نصرٌ، والجملةُ خبرُ " أُخْرى " ، قاله أبو البقاء، وفيه بُعْدٌ كثيرٌ؛ لأنه تقديرٌ لا حاجةَ إليه. والثالث: أنها منصوبةٌ بفعلٍ محذوفٍ للدلالةِ عليه بالسِّياق، أي ويُعْطِكُمْ، أو يَمْنَحْكم مَثوبةً أخرى. و " تُحبونها " نعتٌ لها أيضاً.

والرابع: أنها منصوبةٌ بفعلٍ مضمرٍ يُفَسِّره " تُحبُّونها " فيكونُ من الاشتغالِ، وحينئذٍ لا يكون " تُحِبُّونها " نعتاً؛ لأنه مفسِّرٌ للعاملِ قبله. الخامس: أنها مجرورةٌ عطفاً على " تجارة ". وضُعِّفَ هذا: بأنها ليسَتْ مِمَّا دَلَّ عليه، إنما هي ثوابٌ مِنْ عندِ الله. وهذا الوجهُ منقولٌ عن الأخفش.

قوله: { نَصْرٌ مِّن ٱللَّهِ } خبرُ مبتدأ مضمرٍ أي: " تلك النعمةُ ـ أو الخَلَّةُ الأُخْرى ـ نَصْرٌ. و " من الله " نعتٌ له، أو متعلِّقٌ به، أي: ابتداؤه منه. ورَفْعُ " نصرٌ وفَتْحٌ " قراءةُ العامَّةِ، ونَصَبَ ابنُ أبي عبلةَ الثلاثةَ. وفيه أوجهٌ، ذكرها الزمخشريُّ، أحدُها: أنها منصوبةٌ على الاختصاصِ. الثاني: أن ينتصِبْنَ على المصدريَّة أي: يُنْصَرون نَصْراً، ويُفتح لهم فتحاً قريباً. الثالث: أن ينتَصِبْنَ على البدلِ مِنْ " أُخْرى " و " أُخْرى " منصوبٌ بمقدَّرٍ كما تقدَّم أي: يَغْفِرْ لكم، ويُدْخِلْكم جناتٍ، ويؤْتِكم أُخْرى، ثم أبدل منها " نَصْراً وفَتْحاً قريباً ".