الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

يقول الحق جلّ جلاله: { يا أيها الذين آمنوا إِذا ناجيتم الرسولَ } أي: إذا أردتم مناجاته في بعض شؤونكم المهمة، { فقدِّموا بين يدي نجواكم } أي: قبل نجواكم { صدقة } وهي استعارة ممن له يدان، كقول عمر رضي الله عنه: " من أفضل ما أوتيت العرب الشِعر، يقدّمه الرجل أما حاجته، فيستمطر به الكريم، ويستنزل به اللئيم " يريد: قبل حاجته. وفي هذا الأمر تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم، وانتفاع الفقراء، والزجر عن الإفراط في مناجاته وسؤاله عليه الصلاة والسلام، والتمييز بين المخلِص والمنافق، وبين مُحب الآخرة ومُحب الدنيا، وهل الأمر للندب، أو للوجوب لكنه نسخ بقوله: { أأشفقتم.. } الخ؟ وعن عليّ رضي الله عنه: " إنَّ في كتاب الله آية ما عمل بها أحدٌ غيري، كان لي دينار فصرّفته فكنت إذا ناجيته صلى الله عليه وسلم تصدّقت به ". وقال أيضاً: " أنا كنت سبب الرخصة والتخفيف عن المسلمين " ، قال رضي الله عنه: فَهِم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنّ هذه العبادة قد شقّت على الناس، فقال: " يا عليّ كم ترى حدّ هذه الصدقة؟ أتراه ديناراً؟ " قلت: لا، قال: " فنصف دينار "؟ قلت: لا، قال: " فكم "؟ قلت: حبة من شعير، قال: " إنك لزهيد " فأنزل الله الرخصة ". قال الفخر: قوله صلى الله عليه وسلم لعليّ: " إنك لزهيد " معناه: إنك قليل المال، فقدّرتَ على حسب حالك. وفي رواية: " شعيرة من ذهب " ، فقال: إنك لزهيد " أي: مُصعِّر مقلِّل للدنيا. قاله في القوت. { ذلك } التقديم للصدقة { خير لكم } في دينكم { وأطهرُ } لنفوسكم من رذيلة البُخل، ولأنَّ الصدقة طُهرة. { فإِن لم تجدوا } ما تتصدقون به { فإِنَّ الله غفور رحيم } في ترخيص المناجاة من غير صدقة. قيل: كان ذلك عشر ليال، ثم نُسِخَ، وقيل: ما كان إلاَّ ساعة من نهار. و " عن عليّ - كرّم الله وجهه - أنه قال: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن عشر مسائل، فأجابني عنها، ثم نزل نسخ الصدقة، قلت: يا رسول الله ما الوفاء؟ قال: " التوحيد وشهادة أن لا إله إلاّ الله " قلت: وما الفساد؟ قال: " الكفر والشرك بالله " قلت: وما الحق؟ قال: " الإسلام، والقرآن والولاية إذا انتهت إليك " قلت: وما الحيلة؟ قال: " ترك الحيلة " ، قلت: وما عَلَيَّ؟ قال: " طاعة الله وطاعة رسوله " ، قلت: وكيف أدعو الله تعالى؟ قال: " بالصدق واليقين " قلت: وماذا أسأل الله؟ قال: " العافية " قلت: وما أصنع لنجاة نفسي؟ قال: " كلْ حلالاً، وقل صدقاً " قلت: وما السرور؟ قال: " الجنة " قلت: وما الراحة؟ قال: " لقاء الله "

السابقالتالي
2