الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ } * { وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ } * { وَأَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُّبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ } * { أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ }

يقول تعالى متهدداً لكفار قريش، بما أحله بأشباههم ونظرائهم من المكذبين قبلهم من النقمات والعذاب الأليم كقوم نوح، وما عذبهم الله تعالى به من الغرق العام لجميع أهل الأرض، { وَأَصْحَابُ ٱلرَّسِّ } وقد تقدمت قصتهم في سورة الفرقان، { وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ } وهم أمته الذين بعث إليهم من أهل سدوم، وكيف خسف الله تعالى بهم الأرض، وأحال أرضهم بحيرة منتنة خبيثة، بكفرهم وطغيانهم ومخالفتهم الحق { وَأَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ } وهم قوم شعيب عليه الصلاة والسلام { وَقَوْمُ تُّبَّعٍ } وهو اليماني، وقد ذكرنا من شأنه في سورة الدخان، { كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ } أي كل من هذه الأمم وهؤلاء القرون كذب رسولهم، ومن كذب رسولاً فإنما كذب جميع الرسل كقوله جلّ وعلا:كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ ٱلْمُرْسَلِينَ } [الشعراء: 105]، { فَحَقَّ وَعِيدِ } أي فحق عليهم ما أوعدهم الله تعالى على التكذيب من العذاب والنكال، فليحذر المخاطبون أن يصيبهم ما أصابهم، فإنهم قد كذبوا رسولهم كما كذب أولئك، وقوله تعالى: { أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ } أي أفأعجزنا ابتداء الخلق حتى هم في شك من الإعادة؟ { بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } ، والمعنى أن ابتداء الخلق لم يعجزنا، والإعادة أسهل منه كما قال عزّ وجل:وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [الروم: 27]، وقال:قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } [يس: 79]، وقد تقدم في الصحيح: " يقول الله تعالى يؤذيني ابن آدم يقول لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون عليَّ من إعادته ".