الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِيّاً حَمِيداً }

{ وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } جملة مستأنفة منبهة على كمال سعته وعظم قدرته. أي: كيف لا يكون واسعاً وله ما فيهما من الخلائق والأرزاق وغيرهما؟ فله أن يعطي ما شاء منهما لمن شاء من عبيده، وعلى هذا، فهي متعلقة بما قبلها، أو أتى بها تمهيداً لما بعدها من العمل بوصيته، إعلاماً بأنه مالك ما في السماوات والأرض والحاكم فيهما، ولهذا قال: { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ } أي: من الأمم السابقة. و: (الكتاب) اسم جنس يتناول الكتب السماوية { وَإِيَّاكُمْ } معطوف على (الذين) { أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } أي: وصينا كلاً منكم ومنهم بالتقوى، وهي عبادته وحده، لا شريك له، والمعنى: أن وصيته قديمة ما زال يوصي الله بها عباده، ولستم بها مخصوصين، لأنهم بالتقوى يسعدون عنده { وَإِن تَكْفُرُواْ } أي: بالله { فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } أي: فهو مالك الملك كله، لا يضره كفركم، لغناه المطلق، فما الوصية إلا لفلاحكم رحمة بكم، كما في الآية الأخرىإِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ } [إبراهيم: 8]، وقال تعالى:فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ وَّٱسْتَغْنَىٰ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } [التغابن: 6] { وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِيّاً } عن عباده { حَمِيداً } أي: محموداً في ذاته، حمدوه أو لم يحمدوه.