الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ قَوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى ٱلْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم تنظر بعين قلبك يا محمد، فترى إلى القوم الذين. تولَّوْا قوماً غضب الله عليهم، وهم المنافقون تولَّوا اليهود وناصحوهم، كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ } إلى آخر الآية، قال: هم المنافقون تولَّوا اليهود وناصحوهم. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة { تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ الله عَلَيْهِمْ } قال: هم اليهود تولاهم المنافقون. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله عزّ وجلّ { ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ } قال: هؤلاء كفرة أهل الكتاب اليهود والذين تولوهم المنافقون تولوا اليهود، وقرأ قول الله:ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لإخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أهْلِ الكِتابِ } حتى بلغوَاللَّهُ يَشْهَدُ إنَّهُمْ لَكاذِبُونَ } لئن كانَ ذلكَ لا يَفْعَلُونَ وقال: هؤلاء المنافقون قالوا: لا ندع حلفاءنا وموالينا يكونوا معا لنصرتنا وعزّنا، ومن يدفع عنا نخشى أن تصيبنا دائرة، فقال الله عزّ وجلّ: فَعَسَى اللَّهُ أنْ يأتِي بالفَتْحِ أوْ أمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ حتى بلغ:فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ } وقرأ حتى بلغ:أوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرِ } قال: لا يَبرزون. قوله: { ما هُمْ مِنْكُمْ } يقول تعالى ذكره: ما هؤلاء الذين تولَّوا هؤلاء القوم الذين غضب الله عليهم، منكم يعني: من أهل دينكم وملتكم، ولا منهم ولا هم من اليهود الذين غضب الله عليهم، وإنما وصفهم بذلك منكم جلّ ثناؤه لأنهم منافقون إذا لقوا اليهود، قالواأنَّا مَعَكمْ إنَّما نَحنُ مُسْتَهزئون وَإذا لَقُوا الذَّين آمَنُوا قَالوَا آمَنَّا } وقوله { ويَحْلِفُونَ على الكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } يقول تعالى ذكره: ويحلفون على الكذب، وذلك قولهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم: نشهد إنك لرسول الله وهم كاذبون غير مصدّقين به، ولا مؤمنين به، كما قال جلّ ثناؤه:وَاللَّهُ يَشْهَدُ إنَّ المُنافِيِنَ لَكاذِبُونَ } وقد ذُكِر أن هذه الآية نزلت في رجل منهم عاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر بلغه عنه، فحلف كذباً. ذكر الخبر الذي رُوي بذلك: حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ يَنْظُرُ بعَيْنِ شَيْطانٍ، أو بعَيْنَيْ شَيْطانٍ " قال: فدخل رجل أزرق، فقال له: " علامَ تسبني أو تشتمني؟ " قال: فجعل يحلف، قال: فنزلت هذه الآية التي في المجادلة: { وَيحْلِفُونَ على الكَذِبِ وَهَمْ يَعْلَمُونَ } والآية الأخرى.