{ وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ } ، وذلك حين قال النضر بن الحارث:{ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [الأنفال: 32] فيصيبنا، فأنزل الله عز وجل: { وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ } ، إذا أرادوه فأصابوه، يقول الله: ولو استجيب لهم في الشر، كما يحبون أن يستجاب لهم في الخير، { لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ } في الدنيا بالهلاك إذاً، { فَنَذَرُ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا } ، فنذرهم لا يخرجون أبداً، فذلك قوله: { فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [آية: 11]، يعني في ضلالتهم يترددون لا يخرجون منها إلا أن يخرجهم الله عز وجل. وأيضاً ولو يعجل الله للناس، يقول: ابن آدم يدعو لنفسه بالخير، ويحب أن يعجل الله ذلك، ويدعو على نفسه بالشر، يقول: اللهم إن كنت صادقاً فافعل كذا وكذا، فلو يجعل الله ذلك لقضى إليهم أجلهم، يعني العذاب { فَنَذَرُ } ، يعني فنترك، { ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا } ، يعني لا يخشون لقاءنا، { فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } ، يعني في ضلالتهم يترددون لا يخرجون منها. { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ } ، يعني المرض بلاء أو شدة، نزلت في أبي حذيفة، اسمه هاشم بن المغيرة بن عبد الله المخزومي، { دَعَانَا لِجَنبِهِ } ، يعني لمضجعه في مرضه، { أَوْ } دعانا { قَاعِداً أَوْ قَآئِماً } ، كل ذلك لما كان، { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ } ، وعوفي من مرضه، { مَرّ } ، يعني استمر، أي أعرض عن الدعاء، { كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ } ، ولا يزال يدعونا ما احتاج إلى ربه، فإذا أعطى حاجته أمسك عن الدعاء، قال الله تعالى عند ذلك: استغنى عبدى، { كَذٰلِكَ } ، يعني هكذا { زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ } ، يعني المشركين، { مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [آية: 12] من أعمالهم السيئة، يعني الدعاء في الشدة. { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ } بالعذاب في الدنيا، { مِن قَبْلِكُمْ } يا أهل مكة، { لَمَّا ظَلَمُواْ } ، يعني حين أشركوا، يخوف كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية لكي لا يكذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم: { وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ } ، يقول: أخبرتهم رسلهم بالعذاب أنه نازل بهم في الدنيا، ثم قال: { وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } ، يقول: ما كان كفار مكة ليصدقوا بنزول العذاب بهم في الدنيا، { كَذٰلِكَ } ، يعني هكذا { نَجْزِي } بالعذاب { ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ } [آية: 13]، يعني مشركي الأمم الخالية. ثم قال لهذه الأمة: { ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ } يا أمة محمد، { خَلاَئِفَ فِي ٱلأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } [آية: 14].