قوله تعالى: { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَٱلْفَخَّارِ } أي: خلقه من طين يابس لم يُطبخ، إذا نقرته صوّت، فهو كالفخار، أي: كالطين المطبوخ بالنار. وقد ذكرنا " الصلصال " و " الجان " في الحِجْر. قال ابن عباس: " المارج ": لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت. وقال مجاهد: المختلطُ بعضُه ببعض من اللهب الأحمر والأخضر والأصفر الذي يعلو النار إذا أوقدت. قال الزجاج: هو اللهب المختلط بسواد النار. قال غيره: من مَرَجَ الشيء؛ إذا اضطرب واختلط. وقال مقاتل: المارج: لهب النار الصافي من غير دخان. قال الزجاج رحمه الله في قوله: { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ } [الرحمن: 14]، وقوله:{ مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ } [الصافات: 11]، وقوله:{ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } [الحجر: 26]، وقوله:{ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ } [آل عمران: 59]: لا مناقضة بين هذه الآيات، فأصل الطين: التراب، فأعلم الله عز وجل أنه خلق آدم من تراب جُعِلَ طيناً، ثم انتقل فصار كالحمإ المسنون، ثم انتقل فصار صلصالاً كالفخار. فهذا كله أصله التراب. قوله تعالى: { رَبُّ ٱلْمَشْرِقَيْنِ } أي: مشرق الشتاء ومشرق الصيف، { وَرَبُّ ٱلْمَغْرِبَيْنِ } مغربهما. وقيل: مشرق الشمس والقمر ومغربهما. وقيل: مشرق الفجر والشمس، ومغرب الشمس والشفق. قوله تعالى: { مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ } أرسل كل واحد من البحر العذب والبحر الملح على صاحبه { يَلْتَقِيَانِ }. { بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ } حاجز من قدرة الله { لاَّ يَبْغِيَانِ } لا يختلطان فيبْغِي [أحدهما] على الآخر. وقد سبق هذا في سورة الفرقان. وقال ابن عباس ومجاهد والضحاك: هو بحر السماء وبحر الأرض، يلتقيان كل عام. وقال الحسن وقتادة: " مرج البحرين " يعني: بحر فارس والروم، " بينهما برزخ ": وهو الجزائر. قوله تعالى: { يَخْرُجُ مِنْهُمَا ٱلُّلؤْلُؤُ وَٱلمَرْجَانُ } قرأ نافع وأبو عمرو: " يُخْرَجُ " بضم الياء وفتح الراء، وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم. وقرأ الباقون بفتح الياء وضم الراء؛ لأنه إذا أُخرج فقد خَرج. وقرأتُ لأبي عمرو من رواية العباس بن الفضل عنه: " يُخْرِجُ منهما " بضم الياء وكسر الراء، ونصب " اللؤلؤ والمرجان ". قال الزجاج: إنما يخرج من البحر الملح، وإنما جمعهما؛ لأنه إذا أُخرج من أحدهما فقد أُخرج منهما. ومثله:{ وَجَعَلَ ٱلْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً } [نوح: 16]. وقال أبو علي: أراد: [يخرج] من أحدهما، فحذف المضاف. وقال الزمخشري: لما التقيا وصارا كالشيء الواحد، جاز أن [يقال]: يخرج منهما، [كما] يقال: يخرج من البحر، ولا يخرج من جميعه، ولكن من بعضه. وجمهور المفسرين واللغويين: على أن اللؤلؤ: اسم جامع للحَبّ الذي يخرج من البحر، والمرجان: صغاره. وقول مقاتل والسدي على الضد من ذلك. وقال ابن مسعود: " المرجان ": الخرز الأحمر كالقضبان. قال ابن عباس: إذا مطرت السماء فتحت الأصداف أفواهها، فما وقع فيها من مطر السماء فهو لؤلؤ. قوله تعالى: { وَلَهُ ٱلْجَوَارِ ٱلْمُنشَئَاتُ فِي ٱلْبَحْرِ كَٱلأَعْلاَمِ } وقرأ حمزة وعاصم بخلاف عنه: " المنشِآت " بكسر الشين. والمعنى: وله السفن الجواري، الواحدة منها: جارية، سميت بذلك؛ لأنها تجري في الماء بإذن الله. والجارية: المرأة الشابّة، سميت بذلك لجريان ماء الشباب فيها. والمنشآت: بفتح الشين: المرفوعات الشُّرَع، وبالكسر الرّافعات الشُّرَع، أو اللاتي يُنشئن [الأمواج بجريهن]. قال الكلبي: ما رُفع قلعه منها، فهي منشأة، وما لم يرفع فليس بمنشأة. والأعْلام: جمع عَلَم، وهو الجبل الطويل. وقد سبق ذكره.