الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ قَوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى ٱلْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }

قوله: { مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ }: يجوزُ في هذه الجملةِ ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنها مستأنفةٌ لا موضعَ لها من الإِعراب. أخبر عنهم بأنهم ليسوا من المؤمنين الخُلَّصِ. ولا من الكافرين الخلَّصِ، بل كقولِه:مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذٰلِكَ لاَ إِلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ وَلاَ إِلَى هَـٰؤُلاۤءِ } [النساء: 143]. فالضميرُ في " ما هم " عائدٌ على الذين تَوَلَّوا، وهم المنافقون. وفي " منهم " عائدٌ على اليهود أي: الكافرين الخُلَّص. والثاني: أنها حالٌ مِنْ فاعل " تَوَلَّوا " والمعنى: على ما تقدَّم أيضاً. والثالث: أنها صفةٌ ثانيةً لـ " قوماً " ، فعلى هذا يكون الضميرُ في " ما هم " عائداً على " قوماً " ، وهم اليهودُ. والضميرُ في " منهم " عائدٌ على الذين تَوَلَّوا يعني: اليهودُ ليسوا منكم أيها المؤمنون، ولا من المنافقين، ومع ذلك تولاَّهم المنافقون، قاله ابن عطية. إلاَّ أنَّ فيه تنافُرَ الضمائرِ؛ فإن الضميرَ في " ويَحْلِفون " عائدٌ على الذين تَوَلَّوْا، فعلى الوجهين الأوَّلَيْن تتحد الضمائرُ لعَوْدِها على الذين تَوَلَّوا، وعلى الثالث تختلفُ كما عَرَفْتَ تحقيقَه.

قوله: { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } جملةٌ حاليةٌ أي: يعلمون أنه كذِبٌ فيَمينُهم يمينٌ غموسٌ لا عُذْرَ لهم فيها.