الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَٱحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَٱللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } * { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ وَٱسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { إِن تُقْرِضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ } * { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

قوله تعالى: { إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَٱحْذَرُوهُمْ } قال ابن عباس: هؤلاء رجال من أهل مكة، أسلموا وأرادوا أن يأتوا المدينة، فلم يدعهم أزواجهم وأولادهم.

والمعنى: إن بعض أزواجكم عدواً لكم في دينكم، حيث راموا منعكم من الهجرة إلى نبيكم، فاحذروهم.

قال المفسرون: فلما هاجروا ورأوا أنهم قد سُبِقُوا سَبْقاً بعيداً، وفَاتَهُم ما أدركه المهاجرون قبلهم من العلم والحكمة، همّوا بمعاقبة أزواجهم وأولادهم الذين منعوهم من الهجرة، فأنزل الله: { وَإِن تَعْفُواْ... الآية }.

قوله تعالى: { إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ } أي: بلاءٌ ومحنةٌ وشُغْلٌ عن الآخرة؛ لأنهم يورّطون في المهالك، ويُوقعون في العظائم، ويَحملون على تناول الحرام.

وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إنكم لتُجَبِّنُون وتُبَخِّلُون، وإنكم لمن ريحان الله ".

أخبرنا الشيخ أبو نجيح فضل الله بن أبي رشيد الأصبهاني إجازة قال: أخبرنا الحافظ أبو [القاسم] إسماعيل بن محمد، إملاءً من لفظه سنة

[اثنتين] وثلاثين وخمسمائة، أخبرنا محمد بن أحمد بن علي السمسار، أخبرنا أبو إسحاق بن خورشيد قُولَه قال: حدثنا المحاملي، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا علي بن الحسن، أخبرنا الحسين بن واقد، عن عبد الله بن بريدة عن أبيه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب فجاء الحسن والحسين وهما يعثران على قميصيهما، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم حتى حملهما ثم قال: { إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ } ".

وفي رواية أخرى: " نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان فيعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما ".

وفي قوله تعالى: { وَٱللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } ترغيبٌ للمؤمنين في ثواب الله، وحضٌّ لهم على إيثاره على الأموال والأولاد.

قوله تعالى: { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ } ذكرنا أنها نسخت قوله:ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ } [آل عمران: 102] في آل عمران، وحققنا القول على ذلك في موضعه.

قال ابن عباس: " [وأنفقوا] ": تصدقوا.

وقال الضحاك: أنفقوا في الجهاد.

وقال غيره: في وجوه الطاعات.

{ خَيْراً لأَنفُسِكُمْ } منصوب بمحذوف، تقديره: ايتوا خيراً لأنفسكم من الأموال والأولاد.

وتمام الآية مُفسّر في [الحشر، وباقي السورة مُفسّر في] البقرة وغيرها. والله أعلم.