الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنَّا مِنَّا ٱلْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا ٱلْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَـٰئِكَ تَحَرَّوْاْ رَشَداً }

قوله: { ٱلْقَاسِطُونَ }: قد تقدَّم في أول النساء: أنَّ قَسَط الثلاثيَّ بمعنى جار، وأَقْسَط الرباعيَّ بمعنى عَدَل، وأنَّ الحَجَّاجَ قال لسعيد بن جبير: ما تقولُ فِيّ قال: إنك قاسِطٌ عادِلٌ. فقال الحاضرون: ما أحسنَ ما قال!! فقال: يا جهلةُ جَعَلني جائراً كافراً، وتلاوَأَمَّا ٱلْقَاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً } [الجن: 15]ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } [الأنعام: 1].

قوله: { تَحَرَّوْاْ رَشَداً } أي: قَصَدوا ذلك، وطَلَبوه باجتهادٍ، ومنه: التحرِّي في الشيءِ. قال الراغب: " حَرَى الشيءَ يَحْريه أي: قَصَدَ حَراه أي جانبَه، وتَحَرَّاه كذلك، وحَرَى الشيءُ يَحْرِي: نَقَصَ، كأنه لَزِمَ الحَرَى ولم يَمْتَدَّ قال:
4356ـ..................   والمَرْءُ بعد تَمامِه يَحْرِي
ويقال: رَماه الله بأفعى حارِيةٍ أي: [ناقصةٍ] شديدةٍ " انتهى، وكأنَّ أصلَه مِنْ قولِهم: هو حَرٍ بكذا أي: حَقيقٌ به قَمِنٌ. و " رَشَداً " مفعولٌ به. والعامَّةُ " رَشَداً " بفتحتين. والأعرج بضمةٍ وسكونٍ.