الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ قَوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى ٱلْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } * { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { ٱتَّخَذْوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } * { لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

ثمَّ أشار سبحانه إلى تفضيح المبالغين، وتوبيخهم فقال: { أَلَمْ تَرَ } أيها المعتبر الرائي { إِلَى } المنافقين { ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ } أي: والوا وتحابوا { قَوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم } يعني: اليهود، واختاروا موالاتهم، وصاحبوا معهم في خلواتهم، واغتابوا المؤمنين عندهم، مع أنهم { مَّا هُم } أي: المنافقون { مِّنكُمْ } أيها المؤمنون حقيقةً، وإن كانوا منكم ظاهراً { وَلاَ مِنْهُمْ } أي: من اليهود ظاهراً، وإن كانوا منهم حقيقةً { وَ } من شدة شقاقهم ونفاقهم: { يَحْلِفُونَ } بالله { عَلَى ٱلْكَذِبِ } صريحً، وهو دعوى الإسلام والإخلاء مع المؤمنين { وَ } الحال أنه { هُمْ يَعْلَمُونَ } [المجادلة: 14] كذب أنفسهم، ويزورون بحلفهم على المؤمنين تغريراً، مع أنه لا نفع لحلفهم عند الله، ولا يدفع شيئاً من عذابه.

إذ { أَعَدَّ ٱللَّهُ } المراقب على عموم أحوالهم { لَهُمْ } أي: المنافقين الحالفين على الكذب { عَذَاباً شَدِيداً } أشد من عذاب اليهود المجاهرين بالكفر بلا زور وتزوير، وبالجملة: { إِنَّهُمْ } أهل النفاق من خبث طينتهم، وشدة شكيمتهم سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ { } [المجادلة: 15] من التمرن على النفاق، والإصرار بموالاة أهل الشرك والشقاق.

قيل: نزلت في عبد الله بن نبتل المنافق؛ إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في حجرة من حجراته فقال لجلاسه: " يدخل عليكم الآن رجل قلبه قلب جبار، ينظر بعين شيطان " فدخل عبد الله بن نبتل، وكان أزرق، فقال صلى الله عليه وسلم: " علام تشتمني أنت وأصحابك؟! " ، فحلف بالله ما فعل، ثمَّ جال أصحابه فحلفوا جميعاً على الكذب، وبالجملة: { ٱتَّخَذْوۤاْ أَيْمَانَهُمْ } الكاذبة { جُنَّةً } وقاية لدمائهم وأموالهم { فَصَدُّواْ } ومنعوا المؤمنين؛ بسبب حلفهم الكذب { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } الذي هو غزوهم وقتلهم في النشأة الأولى { فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } [المجادلة: 16] في النشأة الأخرى؛ لاستهانتهم بالله بالحلف الكاذب، ولا يدفع عنهم الإهانة والعذاب يومئذٍ أصلاً.

إذ { لَّن تُغْنِيَ } وتدفع يومئذٍ { عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ } عذاب { ٱللَّهِ شَيْئاً } بل { أُوْلَـٰئِكَ } الأشقياء البعداء عن منهج الحق { أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } أي: ملازمومها وملاصقوها؛ إذ { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [المجادلة: 17] مخلدون، لا يرجى نجاتهم منها أصلاً.