الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ ٱلْحَوَايَآ أَوْ مَا ٱخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذٰلِكَ جَزَيْنَٰهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَٰدِقُونَ }

قوله تعالى: { وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } يقال: ظُفُر بضمِّ الظاء والفاء، وبها قرأ الأكثرون، و " ظُفْر " بضم الظاء وإسكان الفاء.

قال الشاعر:
لَقَدْ كُنْتُ ذا نَابٍ وَظُفْرٍ عَلَى العِدَا   فَأَصْبَحْتُ لا يَخْشَوْنَ نَابي وَلا ظُفْري
و " ظِفْر " بكسر الظاء وسكون الفاء، وبها قرأ الحسن.

و " ظِفِر " [بكسرهما]، وبها قرأ أبو السَّمَّال.

و " أُظْفور ".

قال الشاعر:
مَا بَيْنَ لُقْمَتِهِ الأُولى إِذا انْحَدَرَتْ   وَبَيْنَ أُخْرَى تَلِيهَا قَيْدَ أُظْفُورِ
قال ابن عباس وجمهور المفسِّرين في هذه الآية: والظفر: ما ليس بمتفرج الأصابع؛ كالإبل والنعام والإوز والبط.

وقال ابن زيد: يريد: الإبل فقط. ويأباه قوله: " كل ".

وقال ابن الأنباري: الظفر هاهنا يجري مجرى الظفر للإنسان.

وقال صاحب الكشاف: ذو الظفر: ما له أصبع من دابة أو طائر، وكان بعض ذوات الظفر حلالاً لهم، فلما ظلموا حُرّم ذلك عليهم، فعمّ التحريم كل ذي ظفر، بدليل قوله:فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } [النساء: 160]، وقوله: { وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ } كقولك: من زيد أخذت ماله، يريد بالإضافة: زيادة الربط. والمعنى: أنه حرم عليهم لحم كلِّ ذي ظفر وشحمه وكل شيء بينه، وترك البقر والغنم على التحليل لم يحرم منهما إلا الشحوم [الخالصة]، وهي الثروب وشحوم الكلى، وذلك قوله: { حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا } يريد: ما اشتمل بالظهر من الشحم.

{ أَوِ ٱلْحَوَايَآ } قال ابن عباس والحسن وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة والزجاج وابن قتيبة وجمهور المفسِّرين واللغويين: هي المَبَاعِرُ، واحدتها: حَوِيَّة وحَاوِيَة وحاوياء.

قال علي عليه السلام:
أَقْتُلُهُم وَلاَ أَرَى مُعَاوِيَهْ   الجَاحِظَ العَيْنِ العَظِيمِ الحَاوِيَهْ
وقال آخر:
كَأَنَّ نَقيقَ الحَبِّ في حَاوِيائِهِ   فَحِيحُ الأَفَاعِي أَوْ نَقيقُ العَقَارِبِ
والمراد: ما حملت الحوايا من الشحم أو ما اختلط بعظم.

قال جمهور المفسِّرين: يريد: الألية.

وقال ابن جريج: كل شحم في القوائم والجنب والرأس وفي العينين والأذنين فهو ما اختلط بعظم، وهو حلال لهم، وإنما حرم عليهم الثرب وشحم الكِلية.

وقيل: " الحوايا " عطف على " شُحُومَهُمَا ".

والأول أكثر وأشهر وأوضح، و " أو " بمنزلتها، كقولهم: جالس الحسن أو ابن سيرين.

وقيل: بمعنى الواو -كما سبق-.

{ ذٰلِكَ } إشارةٌ إلى التحريم، { جَزَيْنَٰهُم بِبَغْيِهِمْ } أي: بسبب ظلمهم الفاحش من قتل الأنبياء والأولياء وأخذهم الربا وغير ذلك، { وِإِنَّا لَصَٰدِقُونَ } فيما أخبرناكم عنهم من البغي والظلم والتحريم والجزاء وغير ذلك.