الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

قوله تعالى: { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا... }.

حمله الزمخشري على معنيين، أحدهما: ولكل فريق من أهل الأديان المختلفة قبلة هو موليها نفسه، أو يعود الضمير على الله، أي الله موليها إياه.

- (الثاني): ولكل واحد منكم يا أمة محمد جهة يصلي إليها شمالية، أو جنوبية، أو شرقية أو (غربية). فالقبلة عندنا نحن في الجنوب وعند أهل العراق و (اليمن) في الشمال والمغرب.

وضعف ابن عرفة الأول إذا أعيد الضمير في { هُوَ مُوَليِّهَا } على الله لأن الملل كلها قد انتسخت بشريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فلا يصدق أن لكل قوم (وجهة).

قال ابن عرفة: وكان بعضهم يفسره بمعنى ثالث وهو أن (لكلّ) شخص منّا وجهة من وجوه الخير، والله أقامه فيها، فواحد مجاهد وآخر صائم وآخر عالم وآخر حاج وآخر كثير الصدقة.

قوله تعالى: { فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرَاتِ... }.

دليل على أن الأمر للفور لأن مدلول صيغة اِفعل وهو الفور من مسمّى الخيرات لأن المبادرة إلى فعل المأمور به (من جملة) الخيرات فهو مأمور به.

وإنما قال: { اسْتَبِقُوا } ولم يقل: اسْبَقُوا، ليتناول السابق والمسبوق فالمسبوق حينئذ يصدق عليه أنه استبق ولكنه لم يسبق، ولو قال: اسبقوا لما تناول إلا السّابق. والخيرات (تعم) الواجبات والمندوبات، وتعم من سبق بخير أو سبق غيره لخير (آخر) وإن لم (يستبقا) لشيء واحد.

قوله تعالى: { يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً.. }

حمله الزمخشري على معنيين: إما يأت بكم (للجزاء) أو للحشر والنشر، وإمّا أَيْنَ مَا تَكُونُوا من الجهات يجعلكم تصلون إلى جهة واحدة (كأنكم) تصلون (حاضري) المسجد الحرام.

قال ابن عرفة: وقوله إنّ اللهَ عَلَى كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ يرجح المعنى الأول.