الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ } * { فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ } * { وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ } * { وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ } * { وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ }

قوله تعالى: { فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ } أي بماء مندفق، وأنواع الأشربة اللذيذة على وجه الأرض من غير أُخدود. وقد تقدم في سورة «الإنسان» أن فيها عيوناً. فـ«ـعين»: بمعنى عيون. والله أعلم. { فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ } أي عالية ورُوي أنه كان ارتفاعها قدر ما بين السماء والأرض، ليرى ولي الله ملكه حوله. { وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ } أي أباريق وأوانٍ. والإبريق: هو ما له عُروة وخُرطوم. والكوب: إناء ليس له عروة ولا خرطوم. وقد تقدم هذا في سورة «الزخرف» وغيرها. { وَنَمَارِقُ } أي وسائد، الواحدة نُمْرُقة. { مَصْفُوفَةٌ } أي واحدة إلى جنب الأخرى. قال الشاعر:
وإنا لنُجْرِي الكاس بين شُروبنا   وبينَ أبي قابوسَ فَوقَ النَّمارقِ
وقال آخر:
كُهولٌ وشبانٌ حِسانٌ وجوهُهُمْ   على سُرُرٍ مَصفوفة ونمارقِ
وفي الصحاح: النُّمرق والنُّمرقة: وسادة صغيرة. وكذلك النِّمرِقة بالكسر لغة حكاه يعقوب. وربما سموا الطِّنْفِسة التي فوق الرحْل نُمرقة عن أبي عُبيد. { وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ }: قال أبو عُبيدة: الزرابيّ: البُسُط. وقال ابن عباس: الزَّرابيّ: الطَّنافس التي لها خَمْل رقيق، واحدتها: زُرْبِيّة وقال الكلبيّ والفرّاء. والمبثوثة: المبسوطة قال قتادة. وقيل: بعضها فوق بعض قاله عكرمة. وقيل: كثيرة قاله الفراء. وقيل: متفرقة في المجالس قاله القُتَبيّ. قلت: هذا أصوب، فهي كثيرة متفرقة. ومنهوَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ } [البقرة: 164]. وقال أبو بكر الأنباريّ: وحدّثنا أحمد بن الحسين، قال حدّثنا حسين بن عرفة، قال حدّثنا عمار بن محمد، قال: صليت خلف منصور بن المعتمر، فقرأ: { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْغَاشِيَةِ } ، وقرأ فيها: { وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ }: متكئين فيها ناعمين.