ثم أخبر عن طاعة الكافرين أنها خذلان الخاسرين بقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تُطِيعُواْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [آل عمران: 149]، إشارة في الآيتين: إن الخطاب مع القلوب المؤمنة المستخلصة من صفات النفس الأمارة بالسوء، إن تطيعوا النفوس الكافرة وتتبعوا هواها، { يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ } [آل عمران: 149] إلى أسفل السافلين ببشريتكم ويمسكم كما كنتم، كقوله تعالى:{ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } [التين: 5]، { فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ } [آل عمران: 149].
{ بَلِ ٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ } [آل عمران: 150]، كقوله تعالى:{ ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } [البقرة: 257]، { وَهُوَ خَيْرُ ٱلنَّاصِرِينَ } [آل عمران: 150]، لا يحتمل عليه غير الله من الناصرين.
وقال تعالى: { سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ بِمَآ أَشْرَكُواْ بِٱللَّهِ } [آل عمران: 151] أي: سبب إشراكهم بالله نظيره قوله تعالى:{ فَلَمَّا زَاغُوۤاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ } [الصف: 5]؛ أي: بسبب زيغهم، وقال تعالى:{ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ } [السجدة: 24]؛ أي: بسبب صبرهم وأمثاله في القرآن كثيرة، ثم قال تعالى: { مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَىٰ ٱلظَّالِمِينَ } [آل عمران: 151]؛ أي: مرجع الذين أشركوا نار القطيعة وبئس مثواهم لظلم عظيم؛ ولهذا{ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ } [النساء: 48].