الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱكْتُبْ لَنَا فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـآ إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِيۤ أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـاةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ }

قوله تعالىٰ: { وَٱكْتُبْ لَنَا فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً } أي وفّقنا للأعمال الصالحة التي تكتب لنا بها الحسنات. { وَفِي ٱلآخِرَةِ } أي جزاء عليها. { إِنَّا هُدْنَـآ إِلَيْكَ } أي تُبْنا، قاله مجاهد وأبو العالية وقَتادة. والهَوْد: التوبة وقد تقدّم في «البقرة». قوله تعالىٰ: { قَالَ عَذَابِيۤ أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ } أي المستحقّين له، أي هذه الرجفة والصاعقة عذاب مني أصيب به من أشاء. وقيل: المعنىٰ «من أشاء» أي من أشاء أن أضلّه. قوله: { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } عموم، أي لا نهاية لها، أي من دخل فيها لم تعجز عنه. وقيل: وسِعت كل شيء من الخلق حتى إن البهيمة لها رحمة وعطف على ولدها. قال بعض المفسرين: طمِع في هذه الآية كل شيء حتى إبليس، فقال: أنا شيء فقال الله تعالىٰ: { فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } فقالت اليهود والنصارىٰ: نحن متقون فقال الله تعالىٰ: { ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلأُمِّيَّ } الآية. فخرجت الآية عن العموم، والحمد لله. روىٰ حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس قال: كتبها الله عز وجل لهذه الأمة.