الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَوَكِّلِينَ }

قوله تعالى: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ } [الآية: 159].

قال الواسطى: جميع أوصافك وما يخرج من أنفاسك رحمة منى عليك وعلى من اتبعك، ثم أمره بإقامة العبودية فى حسن المعاشرة مع أوليائه وتقريب منزلتهم والمشورة معهم بقوله { وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلأَمْرِ } ثم قال: { فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } أى فاقطع عنهم جملة، وانقطع إلى سيرك وتوكل عليه، عاشرهم ظاهرًا وطالع ربك سرًا.

قال بعضهم: " فاعفُ عنهم ": تقصيرهم فى تعظيمك واستغفر لهم قعودهم عن أمرك، وشاورهم فى الأمر: لا تبعدهم بالعصيان عنك واشملهم بفضلك فإنك بنا تعفو وبنا تغفر وإيانا تطالع.

ويقال: لا تعتمد عليهم وعلى كثرتهم فى شىء من أمورك، إذا عزمت فأخلص عزمك لنا، فإنك الحبيب ولا يحسن بالحبيب أن يلاحظ غير حبيبه.

قال ابن عطاء: لما علا خلُقُه جميع الأخلاق عظمت المؤنة عليه، فأمر بالغض والعفو والاستغفار لهم.

قال جعفر: أمر باستقامة الظاهر مع الخلق وبتجريد باطنه للحق، ألا تراه يقول: { فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ }.

قوله تعالى: { وَسَنَجْزِي ٱلشَّاكِرِينَ }.

سمعت محمد بن عبد الله يقول: سمعت محمد بن سعيد يقول: الشاكر من يشكر على الرخاء، والشكور من يشكر على البلاء.

وقد قيل: الشاكر من يشكر على النعماء والشكور من يتلذذ بالبلاء.