قوله تعالى: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ } [الآية: 159]. قال الواسطى: جميع أوصافك وما يخرج من أنفاسك رحمة منى عليك وعلى من اتبعك، ثم أمره بإقامة العبودية فى حسن المعاشرة مع أوليائه وتقريب منزلتهم والمشورة معهم بقوله { وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلأَمْرِ } ثم قال: { فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } أى فاقطع عنهم جملة، وانقطع إلى سيرك وتوكل عليه، عاشرهم ظاهرًا وطالع ربك سرًا. قال بعضهم: " فاعفُ عنهم ": تقصيرهم فى تعظيمك واستغفر لهم قعودهم عن أمرك، وشاورهم فى الأمر: لا تبعدهم بالعصيان عنك واشملهم بفضلك فإنك بنا تعفو وبنا تغفر وإيانا تطالع. ويقال: لا تعتمد عليهم وعلى كثرتهم فى شىء من أمورك، إذا عزمت فأخلص عزمك لنا، فإنك الحبيب ولا يحسن بالحبيب أن يلاحظ غير حبيبه. قال ابن عطاء: لما علا خلُقُه جميع الأخلاق عظمت المؤنة عليه، فأمر بالغض والعفو والاستغفار لهم. قال جعفر: أمر باستقامة الظاهر مع الخلق وبتجريد باطنه للحق، ألا تراه يقول: { فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ }. قوله تعالى: { وَسَنَجْزِي ٱلشَّاكِرِينَ }. سمعت محمد بن عبد الله يقول: سمعت محمد بن سعيد يقول: الشاكر من يشكر على الرخاء، والشكور من يشكر على البلاء. وقد قيل: الشاكر من يشكر على النعماء والشكور من يتلذذ بالبلاء.