{ مثل الجنة } قيل: شبه الجنة، وقيل: صفة الجنة { التي وعد المتقون } أي........ لمن اتقى معاصيه، ثم بيَّن تعالى صفة الجنة فقال سبحانه: { فيها أنهار } ، قيل: أراد بالأنهار المعروفة، وقيل: أراد بالأنهار هذه الأشياء { من ماء غير آسنٍ } أي غير متغير { وأنهار من لبن لم يتغير طعمه } لأنه لم يخرج من ضرع { وأنهار من خمر لذة للشاربين } ، قيل: يبقى طيبها في الحلق أربعين سنة ولا يخامر العقل ولا يصدع ويلتذون بها لطيب طعمها { وأنهار من عسل مصفى } أي خالصاً من كل شائب صمغ أو غيره { ولهم فيها من كل الثمرات } أي من أنواعها { ومغفرة من ربهم } لذنوبهم { كمن هو خالد في النار } ، قيل: فيه حذف، أي من كان في هذه الجنة كمن هو خالد في النار { وسقوا ماءً حميماً } حار { فقطّع أمعاءهم } ، قيل: إذا قربوه من وجوههم شوى وجوههم وإذا شربوه قطع أمعاءهم { ومنهم من يستمع إليك } عبد الله بن أبي وأصحابه { حتى إذا خرجوا من عندك } يعني المنافقين { قالوا للذين أوتوا العلم } مثل عبد الله بن مسعود كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا خطب الناس يعيب المنافقين فإذا خرجوا قالوا لابن مسعود: { ماذا قال آنفاً } ، وعن ابن عباس: أنا منهم وقد سألت فيمن سئل آنفاً وهم المنافقون كانوا يحضرون مجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يسمعون كلامه ولا يعونه فإذا خرجوا قالوا لأولي العلم من أصحابه: ماذا قال الساعة؟ على جهة الاستهزاء، والذين أوتوا العلم الذين استمعوا القرآن وقبلوه وعملوا به { ماذا قال آنفاً } يعني أي شيء كان يقول الرسول الساعة، وقيل: قالوا ذلك تبعيداً من الصواب وتحقيراً لقوله ولم يقل شيئاً فيه فائدة: { أولئك الذين طبع الله على قلوبهم } أي وسمهم بسمة الكفار، وقيل: خلا بينهم وبين اختيارهم { واتبعوا أهواءهم } أي اتبعوا الهوى دون الدليل { والذين اهتدوا } يعني المؤمنين اهتدوا بما سمعوا { زادهم هدىً } ، وقيل: زادهم الله، وقيل: زادهم قراءة القرآن، وقيل: استهزاء المنافقين زاد هؤلاء المؤمنين قيل: أدلة شرح بها صدورهم، وقيل: زادهم ألطافاً، وقيل: زادهم استماع القرآن هدى { وآتاهم تقواهم } ، قيل: آتاهم ثواب تقواهم { فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة } فجأة من غير أن يشعرون بها { فقد جاء أشراطها } ، قيل: علاماتها، مبعث محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم الأنبياء منها، وانشقاق القمر والدخان، وعن الكلبي: كثرة المال والتجارة، وشهادة الزور، وقطع الأرحام، وقلة الكرام، وكثرة اللئام، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " بادروا بالأعمال الصالحة قبل طلوع الشمس من مغربها " ، والدجال، والدخان، والدابة { فأنّى لهم إذا جاءتهم ذكراهم } يعني من أين لهم الذكرى والاتعاظ والتوبة إذا جاءتهم الساعة، والذكرى ما أمر الله به عباده أن يتذكروا به { فاعلم أنه لا إله إلا الله } الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقيل: فاعلم أيها السامع { واستغفر لذنبك } ، وقيل: الخطاب لغيره، وقيل: ليبشر به أمته، وقيل: المراد به الانقطاع إلى الله تعالى { والله يعلم متقلّبكم ومثواكم } ، قيل: متقلبكم في الأصلاب إلى الأرحام ومثواكم مقامكم في الأرض، وقيل: متقلبكم منصرفكم في الدنيا ومثواكم مصيركم إلى الجنة أو إلى النار عن ابن عباس: وقيل: متقلبكم منصرفكم في النهار ومثواكم مضجعكم بالليل، يعني لا يخفى عليه شيء من أحوالكم.