الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }

{ وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ } قرئ بالبناء للمعلوم، أي: ما صح وما تأتَّي لنبي من الأنبياء أن يخون في المغنم، بعد مقام النبوة وعصمة الأنبياء عن جميع الرذائل، وعن تأثير دواعي النفس والشيطان فيهم؛ وبالبناء للمجهول، أي: ما صح أن ينسب إلى الغلول ويُخَوَّن.

روى أبو داود والترمذيّ عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية: { وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ } ، في قطيفة حمراء افتقدت يوم بدر، فقال بعض الناس: لعل رسول الله أخذها، فأنزل الله: { وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ... } الآية. قال الترمذيّ: حسن غريب. ورواه ابن مردويه عن ابن عباس أيضاً، ولفظه: اتهم المنافقون رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء فُقِدَ، فأنزل الله تعالى: { وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ... } الآية - وهذا تنزيه لمقامه صلى الله عليه وسلم الرفيع وتنبيه على عصمته. ثم أشار إلى وعيد الغلول بقوله: { وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } أي: بعينه، حاملاً له على ظهره، ليفتضح في المحشر، كما روى الشيخان عن أبي هريرة قال: " قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره، ثم قال: " لا أُلْفِيَنَّ أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء يقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئاً فقد أبلغتك - لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة فيقول: يا رسول الله أغثني فأقول: لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك - لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء يقول: يا رسول الله أغثني فأقول: لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك - لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح فيقول: يا رسول الله أغثني فأقول: لا أملك لك شيئاً قد أبغلتك - لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق فيقول: يا رسول الله أغثني فأقول: لا أملك شيئاً، قد أبلغتك - لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول: يا رسول الله أغثني فأقول: لا أملك لك شيئاً قد بلغت " - لفظ مسلم.

وروى البخاريّ عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: كان على ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقال له: كركرة فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، " هو في النار، فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلّها ".

وعن زيد بن خالد الجهنيّ أن رجلاً من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم توفى يوم خيبر، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " صلوا على صاحبكم "

السابقالتالي
2