الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ أَنَّ ٱلْقُوَّةَ للَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ }

القراءة: قرأ نافع وابن عامر ويعقوب ولو ترى الذين ظلموا بالتاء على الخطاب وقرأ الباقون بالياء وكلهم قرأوا إذ يَرون العذاب بفتح الياء إلا ابن عامر فإنه قرأ إذ يُرَوْنَ بالضم وقرأ أبو جعفر ويعقوب إن القوة وإن الله بكسر الهمزة فيهما والباقون بفتحها. الحجة: قال أبو علي حجة من قرأ ولو يرى الذين ظلموا بالياء أن لفظ الغيبة أولى من لفظ الخطاب من حيث إنه يكون أشبه بما قبله من قولـه: { ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً } وهو أيضاً أشبه بما بعده من قولـه: { كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات } وحجة من قرأ ولو ترى فجعل الخطاب للنبي ع لكثرة ما جاء في التنزيل من قولـه ولو ترى ويكون الخطاب للنبي ع والمراد به الكافة وأما فتح أن القوة فمن قرأ بالتاء فلا يخلو من أن يكون ترى من رؤية البصر أو المتعدية إلى مفعولين فإن جعلته من رؤية البصر لم يجز أن يتعدى إلى أنّ لأنها قد استوفت مفعولها الذي تقتضيه وهو الذين ظلموا ولا يجوز أن تكون المتعدية إلى مفعولين لأن المفعول الثاني في هذا الباب هو المفعول الأول في المعنى وقولـه أن القوة لله لا يكون الذين ظلموا فإذاً يجب أن يكون منتصباً بفعل آخر غير ترى وذلك الفعل هو الذي يقدر جواباً للو كأنه قال ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب لرأوا أن القوة لله جميعاً والمعنى انهم شاهدوا من قدرته سبحانه ما تيقنّوا معه أنه قويّ عزيز وأن الأمر ليس على ما كانوا عليه من جحودهم لذلك أو شكهم فيه. ومذهب من قرأ بالياء أبين لأنهم ينصبون أنّ بالفعل الظاهر دون المضمر والجواب في هذا النحو يجيء محذوفاً فإذا أعمل الجواب في شيء صار بمنزلة الأشياء المذكورة في اللفظ فحمل المفعول عليه يخالف ما عليه سائر هذا النحو من الآي التي حذفت الأجوبة معها لتكون أبلغ في باب التوعيد هذا كلام أبي علي الفارسي ونحن نذكر ما قاله غيره في كسر أن القوة وفتحها في الإعراب وحجة من قرأ إذ يرون العذاب قولـه ورأوا العذاب وقولـه: { ولو يرى الذين ظلموا } العذاب وحجة ابن عامر قولـه كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات لأنك إذا بنيت هذا الفعل للمفعول به قلت يُرَوْنَ أعمالهم حسرات. اللغة: الأنداد والأشباه والأمثال نظائر وأحدها نِدّ وقيل هي الأضداد وأصل الند المثل المناوي والحب خّلاف البغض والمحبة هي الإرادة إلا أن فيها حذفاً لا يكون في الإرادة فإذا قلت أحب زيداً فالمعنى أريد طاعته واتباع أوامره ولا يقال أريد زيداً ولا أن الله يريد المؤمن ولا أني أريد الله فاعتيد الحذف في المحبة ولم يعتد في الإرادة وقيل إن المحبة ليست من جنس الإرادة بل هي من جنس ميل الطبع كما تقول أحب ولدي أي يميل طبعي إليه وهذا من المجاز بدلالة أنهم يقولون أحببت أفعل بمعنى أردت أن أفعل وقال أحبه إحباباً وحَبَّه حباً وأحب البعير إحباباً إذا برك فلا يثور وهو كالحران في الخيل.

السابقالتالي
2 3 4