الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ }

ففيه مسائل: المسألة الأولى: كلمة على للوجوب فقوله: إن علينا يدل على أن ذلك كالواجب على الله تعالى، أما على مذهبنا فذلك الوجوب بحكم الوعد، وأما على قول المعتزلة: فلأن المقصود من البعثة لا يتم إلا إذا كان الوحي محفوظاً مبرأ عن النسيان، فكان ذلك واجباً نظراً إلى الحكمة. المسألة الثانية: قوله: { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ } معناه علينا جمعه في صدرك وحفظك، وقوله: { وَقُرْءانَهُ } فيه وجهان أحدهما: أن المراد من القرآن القراءة، وعلى هذا التقدير ففيه احتمالان أحدهما: أن يكون المراد جبريل عليه السلام، سيعيده عليك حتى تحفظه والثاني: أن يكون المراد إنا سنقرئك يا محمد إلى أن تصير بحيث لا تنساه، وهو المراد من قوله:سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } [الأعلى: 6] فعلى هذا الوجه الأول القارىء جبريل عليه السلام، وعلى الوجه الثاني القارىء محمد صلى الله عليه وسلم والوجه الثاني: أن يكون المراد من القرآن الجمع والتأليف، من قولهم: ما قرأت الناقة سلاقط، أي ما جمعت، وبنت عمرو بن كلثوم لم تقرأ جنيناً، وقد ذكرنا ذلك عند تفسير القرء، فإن قيل: فعلى هذا الوجه يكون الجمع والقرآن واحداً فيلزم التكرار، قلنا: يحتمل أن يكون المراد من الجمع جمعه في نفسه ووجوده الخارجي، ومن القرآن جمعه في ذهنه وحفظه، وحينئذ يندفع التكرار.