الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ }

{ كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } الهجوع النوم. وفي معنى الآية قولان: أحدهما: وهو الصحيح: أنهم كانوا ينامون قليلاً من الليل، ويقطعون أكثر الليل بالسهر في الصلاة والتضرع والدعاء، والآخر: أنهم كانوا لا ينامون بالليل قليلاً ولا كثيراً ويختلف الإعراب باختلاف المعنيين؛ فأما على القول الأول ففي الإعراب أربعة أوجه: الأول أن يكون قليلاً خبر كانوا وما يهجعون فاعل بقليلاً، لأن قليلاً صفة مشبهة باسم الفاعل، وتكون ما مصدرية، والتقدير: كانوا قليلاً هجوعهم من الليل، والثاني: مثل هذا إلا أن ما موصولة والتقدير: كانوا قليلاً الذي يهجعون فيه من الليل، والثالث: أن تكون ما زائدة، وقليلاً ظرف، والعامل فيه يهجعون، والتقدير: كانوا يهجعون وقتاً قليلاً من الليل، والرابع: مثل هذا إلا أن قليلاً صفة لمصدر محذوف، والتقدير: كانوا يهجعون هجوعاً قليلاً، وأما على القول الثاني ففي الإعراب وجهان: أحدهما أن تكون ما نافية، وقليلاً ظرف، والعامل فيه يهجعون، والتقدير: كانوا ما يهجعون قليلاً من الليل، والآخر أن تكون ما نافية، وقليلاً خبر كان، والمعنى كانوا قليلاً في الناس، ثم ابتدأ بقوله: { مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } وكلا الوجهين باطل عند أهل العربية، لأن ما نافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، فظهر ضعف هذا المعنى لبطلان إعرابه.