الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ } * { كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } * { وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ } أي قَابلين ما أعطَاهُم ربُّهم من كرامةٍ في الجنَّة. وَقِيْلَ: معناهُ: عَامِلين بما أمَرَهم ربُّهم في الدُّنيا، وقولهُ تعالى: { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ }؛ في الدُّنيا في أعمالِهم، وقولهُ تعالى: { كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ }؛ أي ما ينَامُون، هذا بيانُ إحسانِهم.

والْهُجُوعُ: النَّومُ باللَّيلِ دون النَّهار، و(مَا) زائدةٌ، والمعنى: كانُوا يَهجَعُونَ قليلاً من اللَّيلِ ويُصَلُّونَ أكثرَ اللَّيلِ. وَقِيْلَ: معناهُ: قَلَّ ليلةً أتت عليهم هَجَعُوها كلَّها، وقال مجاهدُ: (كَانُوا لاَ يَنَامُونَ كُلَّ اللَّيْلِ).

واختارَ قومٌ الوقفَ على قولهِ { كَانُواْ قَلِيلاً } على معنى: كَانُوا من الناسِ قَليلاً، وهو قولُ الضحَّاك ومقاتل. ثم ابتدأ فقالَ: { مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } وهذا على نفيِ النومِ عنهم البتَّةَ. وَقِيْلَ: معناهُ: كانوا لا ينَامُون حتى يُصَلُّوا الْعَتْمَةَ، وقال أنسُ بن مالكٍ رضي الله عنه: (يُصَلُّونَ مَا بَيْنَ الْمَغْرِب وَالْعِشَاءِ). وعن جعفرَ بن محمَّد أنه قال: (مَنْ لَمْ يَهْجَعْ مَا بَيْنَ الْمَغْرِب وَالْعِشاءِ فَهُوَ مِنْهُمْ)، عن أبي ذرٍّ قال: " سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ: أيُّ صَلاَةِ اللَّيْلِ أفْضَلُ؟ قَالَ: " نِصْفُ اللَّيْلِ وَقَلِيلٌ فَاعِلُهُ " قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }؛ قال الحسنُ: (كَانُوا يَمُدُّونَ الصَّلاَةَ إلَى الْعَصْرِ ثُمَّ يَأْخُذُونَ فِي الاسْتِغْفَار بالأَسْحَار).