الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ قُتِلَ ٱلإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ } * { مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ } * { مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { قُتِلَ ٱلإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ }؛ أي لُعِنَ الكافرُ ما أكفَرَهُ باللهِ وبنعمتهِ مع كَثرةِ إحسانهِ إليه، قال مقاتلُ: ((نَزَلَتْ فِي عُتْبَةَ بْنِ أبي لَهَبٍ، والمرادُ به كلَّ كافرٍ)). قولهُ { مَآ أَكْفَرَهُ } تعجيبٌ بمعنى التوبيخِ، يقالُ: أيُّ شيءٍ حَملَهُ على الكفرِ مع وضُوحِ الدلائلِ على وحدانيَّة اللهِ، فتعجَّبُوا من كُفرهِ. وأما اللهُ تعالى فلا يجوزُ أن يتعجَّبَ من شيءٍ لكونه عالِماً لم يزَلْ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ }؛ معنى الآيةِ: ما أشدَّ كُفرَهُ باللهِ، اعجَبُوا أنتم من كُفرهِ.

ثم بيَّن مِن أمرهِ ما كان ينبغي معه أن يُعلمَ أنَّ اللهَ خالقُهُ، فقال تعالى: { مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ } ، لفظُ استفهامٍ، ومعناهُ: التقريرُ: ثم فسَّرَ ذلك فقال تعالى: { مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ } أي من مَاءٍ مَهين حقيرٍ خلَقهُ فصوَّرَهُ في رحمِ أُمِّه على الاستواءِ باليدَين والرِّجلَين وسائرِ الأعضاءِ، { فَقَدَّرَهُ }؛ على ما يشاءُ من خلقهِ طَويلاً أو قصيراً؛ ذميماً أو حسَناً؛ ذكراً أو أُنثى؛ شقيّاً أو سعيداً، وغيرِ ذلك من الأوصافِ.