الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ } * { يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَٱرْتَبْتُمْ وَغرَّتْكُمُ ٱلأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ } * { فَٱلْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ هِيَ مَوْلاَكُمْ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ وَلاَ يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } * { ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يُحْيِـي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } * { إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ }

قوله: { يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ } إلى قوله: { وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ } الآيات.

أي ذلك هو الفوز العظيم في يوم يقول هؤلاء المنافقون.

{ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا } أي: تمهلوا علينا.

{ نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } أي: نستصبح من نوركم.

و { ٱنظُرُونَا } في قراءة من وصل الألف من نظر ينظر: إذا انتظر.

وقرأ حمزة بقطع الألف، جعله من أنظره: إذا أخره، وهو بعيد في المعنى إذا حملته على التأخير، وإنما يجوز على معنى تمهلوا علينا.

يقال أنظرني: بمعنى تمهل عليّ وترفق، حكاه علي بن سليمان فعلى هذا تجوز قراءة حمزة.

وحكى غيره أنظرني: بمعنى اصبر علي، كما قال (عمرو بن كلثوم): (وانظرنا نخبرك اليقينا) [أي اصبر علينا]، فعلى هذا أيضاً تصح قراءة حمزة.

ثم قال: { قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً }.

يقال لهم ارجعوا من حيث [جئتم] فاطلبوا لأنفسكم هنالك نوراً [فإنه] لا سبيل إلى الاقتباس من نورنا.

قال ابن عباس بينما الناس في ظلمة إذا بعث الله جل ثناؤه نوراً، فلما رأى المؤمنون النور توجهوا نحوه، وكان النور لهم دليلاً من الله جل وعز إلى الجنة، فلما رآى المنافقون المؤمنين قد انطلقوا اتبعوهم فأظلم الله على المنافقين، فقالوا حينئذ: انظرونا نقتبس من نوركم فإنا [كنا] معكم في الدنيا قال المؤمنون ارجعوا من حيث جئتم من الظلمة التمسوا هنالك النور.

ثم قال: { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ } أي: فضرب الله بين المؤمنين والمنافقين بسور وهو حاجز بين أهل الجنة [وأهل] النار.

قال ابن زيد هذا السور هو الذي قال جل وعزوَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ } [الأعراف: 46].

ويقال أن ذلك السور ببيت المقدس عن موضع يعرف بوادي جهنم.

وروي ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص وعن ابن عباس.

وكان كعب يقول في الباب الذي يسمى باب الرحمة: في بيت المقدس أنه الباب الذي قال الله عز وجل { لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ } والرحمة هنا الجنة، والعذاب: النار. /

ثم قال: { يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ }.

أي ينادي المنافقون المؤمنين حين حجز بينهم بالسور فبقوا في الظلمة والعذاب، ألم نكن معكم في الدنيا نصلي ونصوم ونناكحكم ونوارثكم، قال لهم المؤمنون، بلى، ولكنكم فتنتم أنفسكم فنافقتم والفتنة هنا: النفاق، قاله مجاهد.

قال شريك بن عبد الله فتنتم أنفسكم بالشهوات واللذات وتربصتم قال بالتوبة.

{ وَٱرْتَبْتُمْ } أي: شككتم.

{ حَتَّىٰ جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ } يعني الموت.

{ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ } أي الشيطان.

وقال غيره وتربصتم وتثبطتم بالإيمان، والإقرار بالله ورسوله قال قتادة: وتربصتم: أي: بالحق وأهله.

وقيل معناه: وتربصتم بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين الدوائر. وقيل تربصتم بالتوبة.

وقوله: { وَٱرْتَبْتُمْ } أي: شككتم في توحيد الله سبحانه وفي نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

السابقالتالي
2