الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلْكِتَابِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُصْلِحِينَ }

قوله تعالى: { والذين يُمسِّكون بالكتاب } قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: { يمسِّكون } مشددة، وقرؤوا:ولا تمسكوا بعصم الكوافر } مخففة [الممتحنة: 10] وقرأهما أبو عمرو بالتشديد. وروى أبو بكر عن عاصم أنه خففهما. ويقال: مسَّكتُ بالشيء، وتمسّكت به، واستمسكت به، وامتسكت به. وهذه الآية نزلت في مؤمني أهل الكتاب الذين حفظوا حدوده ولم يُحرِّفوه، منهم [عبد الله] بن سلام واصحابه. قال ابن الأنباري: وخبر «الذين»: «إنا» وما بعده، وله ضمير مقدر بعد «المصلحين» تأويله: والذين يمسّكون بالكتاب إنا لا نضيع أجر المصلحين منهم، ولهذه العلة وَعَدَهُم حفظَ الأجر بشرطٍ، إذ كان منهم من لم يصلح. قال: وقال بعض النحويين: المصلحون يرجعون على الذين، وتلخيص المعنى عنده: والذين يمسِّكون بالكتاب، وأقاموا الصلاة، إنا لا نضيع أجرهم، فأظهرت كنايتهم بالمصلحين، كما يقال: عليٌّ لقيتُ الكسائي، وأبو سعيد رويت عن الخدري، يراد لقيتُهُ ورويت عنه. قال الشاعر:
فيارَبَّ لَيلى أنْتَ في كُلِّ مَوطِنٍ   وَأنْتَ الذي في رَحْمِةِ الله أطْمَعُ
أراد في رحمته، فأظهر ضمير الهاء.