الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذ نَتَقْنَا ٱلْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }

قوله عز وجل: { وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ... } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: زعزعناه، قاله ابن قتيبة، ومنه قول العجاج:

قد جرّبوا أخلاقنا الجلائلا..   ونتقوا أحلامنا الأثاقلا
والثاني: بمعنى جذبناه، والنتق: الجذب ومنه قيل للمرأة الولود ناتق، قال النابغة:

لم يحرموا حسن الغذاء وأمهم   طفحت عليك بناتقٍ مذكار.
واختلف في سبب تسميتها ناتقاً، فقيل لأن: خروج أولادها بمنزلة الجذب. وقيل: لأنها تجذب ماء الفحل تؤديه ولداً.

والثالث: معناه ورفعناه عليهم من أصله.

قال الفراء: رفع الجبل على عسكرهم فرسخاً في فرسخ.

قال مجاهد: وسبب رفع الجبل عليهم أنهم أبوا أن يقبلوا فرائض التوراة لما فيها من المشقة، فوعظهم موسى فلم يقبلوا، فرفع الجبل فوقهم وقيل لهم: إن أخذتموه بجد واجتهاد وإلا ألقي عليكم. قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة: فأخذوه بقوة ثم نكثوا بعد.

واختلف في سبب رفع الجبل عليهم هل كان انتقاماً منهم أو إنعاماً عليهم؟ على قولين:

أحدهما: أنه كان انتقاماً بالخوف الذي دخل عليهم.

والثاني: كان إنعاماً لإقلاعهم به عن المعصية.

{...وَظّنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ } فيه قولان:

أحدهما: أنه غلب في نفوسهم انه واقع بهم على حقيقة الظن.

والثاني: أنهم تيقنوه لما عاينوا من ارتفاعه عليهم، قاله الحسن.

{ خُذُواْ مَا ءَاتَيْنَاكُمْ } يعني التوارة.

{ بِقُوَّةٍ } يحتمل وجهين:

أحدهما: بجد واجتهاد.

والثاني: بنية صادقة وطاعة خالصة.