الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ }

{ الَّذِينَ } نعت آخر للمؤمنين، أو خبر لمحذوف، أو منعوت لمحذوف على المدح. { قَالَ لَهُمُ النَّاسُ } لهم الركب الذين جاءوا من عبد قيس إلى المسلمين يرهبونهم من أبى سفيان وأصحابه. { إِنَّ النَّاسَ } هم أبو سفيان وأصحابه. { قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ } وذلك بعد أحد بعام، أى جمعوا لكم جنود للقتال، أو بمعنى اجتمعوا لكم. { فَاخْشَوْهُمْ } خافوهم أى اقعدوا عن قتالهم، فإنكم لا تطيقونهم، فإن الخوف ليس كسبياً، فالمراد لازمه، و هو القعود عن القتال، أو تأملوا فيما يتولد منه الخوف منهم، وهو كثرتهم وشدتهم. { فَزَادَهُمْ إِيمَاناً } أى زادهم قول الناس إن الناس قد جمعوا لكم أو زادهم جمع الناس لهم، أو زادهم المقول الذى هو { إن الناس قد جمعوا لكم } وذلك دليل على زيادة الإيمان ونقصه، " قال ابن عمر رضى الله عنه قلنا يا رسول الله، الإيمان يزيد وينقص؟ قال " نعم يزيد حتى يدخل صاحبه الجنة، وينقص حتى يدخل صاحبه النار " سواء كان بمعنى التصديق فإنه يقوى بزيادة الحجة، أو كان بمعنى الطاعة، وكان عمر يأخذ بيد الرجل فيقول قم بنا نزدد إيماناً. وعنه لو وزن إيمان أبى بكر بإيمان هذه الأمة لرجح. { وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ } أى فحسبنا أى كافينا، فحسب بمعنى اسم فاعل أحسبه، إذا كفاه مهمه فإضافته إلى مفعوله كإضافة اسم الفاعل للحال أو الاستقبال إلى مفعوله لفظية لا تفيد تعريفاً، ولذلك ينعت به المنكر مضافاً لمعرفة، نحو هذا رجل حسبك. { وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } أى الموكول إليه، أو الكفيل بما وعد لنا من نصر أو رزق، والمخصوص بالمدح محذوف، أى ونعم الوكيل هو، أى الله وذلك " أن أبا سفيان نادى عند انصرافه من أحد يا محمد موعدنا موسم بدر القابل إن شئت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نعم إن شاء الله ". ولما كان القابل خرج أبو سفيان فى أهل مكة حتى نزل بمر الظهران فى موضع منه يسمى صحبة، فأنزل الله الرعب فى قلبه، وبدا له أن يرجع فمر به ركب من عبد قيس يريدون المدينة للميرة، فشرط لهم حمل بعير من زبيب، إن ثبطوا المسلمين ففعلوا، وقيل لقى نعيم بن مسعود الأشجعى، وقد قدم معتمراً، فقال يا نعيم.. إنى واعدت محمداً أن نلتقى بموسم بدر إلا أن هذا العام جدب، لا يصلح لنا إلا عام نرعى فيه الشجر، ونشرب فيه اللبن، وقد بدا لى أن أرجع، ولكن إن خرج محمد ولم أخرج زاده ذلك جرأة ولئن يكون الخلف من قبلهم أحب إلى من أن يكون من قبلى، فاذهب إلى المدينة فثبطهم، وأعلمهم أنى فى جمع كثير لا طاقة لهم به، ولك عندى عشرة من الإبل يضمنها لك سهيل بن عمرو، فجاء نعيم إلى سهيل، فقال يا أبا زيد أتضمن لى القلائص فأثبط محمداً؟ قال نعم، فجاء نعيم المدينة فوجد المسلمين يتجهزون. فقال ما هذا بالرأى، أتوكم فى دياركم، وقتلوا كثيراً منكم. وقيل قال لم يفلت منكم أحد إلا شريد، فإن ذهبتم إليهم لم يرجع منكم أحد، فأثر هذا الكلام فى قلوب قوم منهم، ولما عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، قال " والذى نفس محمد بيده، لأخرجن إليهم ولو وحدى " ، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نحو سبعين رجلا ووصلوا بدراً، وكانت سوقاً لبنى كنانة فى الجاهلية، يجتمعون فيها كل عام ثمانية أيام، ولم يلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه هناك أحداً من المشركين، وسألوا عن أبى سفيان وأصحابه من لقوا من المشركين، فيقولون قد جمعوا لكم، ترهيباً، فقال المسلمون حسبنا الله ونعم الوكيل. وأتو السوق وكان معهم نفقات وتجارات فباعوا واشتروا أدماً وزبيباً، وربحوا وأصابوا بالدرهم درهمين، وانصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين، ورجع أبو سفيان إلى مكة فعير أهل مكة جيشه، وقالوا إنما خرجتم لتشربوا السويق، وهذه بدر الصغرى "

السابقالتالي
2 3 4