الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

قلت: { في الكلالة } ، يتعلق بيفتيكم، ويستفتونك، فيكون من باب التنازع، وأعمل الثاني على اختيار البصريين، وعمل الأول في الضمير المجرور حذف، أي: يستفتونك فيها، أو عمل الأول وحذف ضمير الثاني، أو يكون يستفتونك مقطوعًا فيوقف عليه، أو حُذف متعلقة لدلالة الجواب عليه، أي: يستفتونك في الكلالة، وهو أظهر، وتقدم تفسير الكلالة، { إن امرؤ هلك }: ارتفع بفعل مضمر عند البصريين، من باب الاشتغال في المرفوع. يقول الحقّ جلّ جلاله: { يستفتونك } في الكلالة، والمستفتِي هو جابر بن عبد الله، كان مريضًا فعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني كلالة، فكيف أصنع في مالي؟ فنزلت، وهي آخر ما نزل من الأحكام. { قل الله يفتيكم في الكلالة } ، ثم بيَّن الفتوى فيها فقال: { إن امرؤ هلك ليس له ولد } ولا والد، بل انقطع نسبه من الجهتين، { وله أخت } شقيقة أو لأب { فلها نصف ما ترك } والباقي للعصبة، ولا ميراث لها مع الأب أو الابن، { وهو يرثها } إن ماتت ولم يكن لها ولد ولا والد. فإن استقل فله المال، وإن كان معه ذو سهم أخذ الباقي، { فإن كانتا اثنتين } فأكثر شقائق { فلهما الثلثان مما ترك } ، وإن كانت شقيقة مع الأب أخذت الشقيقة النصف، والتي لأب السدس تكملة الثلثين، وإن كانت لأب مع الشقيقتين فلا شيء لها، { وإن كانوا إخوة رجالاً ونساءً } شقائق، مات أخوهم، { فللذكر مثل حظ الأنثيين } ، ولا شيء للأخوة لأب من الشقائق. { يُبين الله لكم } الحق، كراهية { أن تضلوا والله بكل شيء عليم } فهو عالم بمصالح العباد في المحيا والممات. اللهم أحينا حياة طيبة وأمتنا موتة حسنة، في عافية وستر جميل، يا أرحم الراحمين، يا رب العالمين. الإشارة: الكلالة من الأولياء، هو الذي مات ولم يخلف ولدًا يرث حاله، فإن لم تكن له تلاميذ، فإن كان له أخ يقارب حاله، ورثه وقد يرث سره أخته في النسبة، لكن لا تستوجب ذلك كله لحكمة الله تعالى. يشير إليه قوله تعالى: { فلها نصف ما ترك } ، وإن ترك إخوة في الشيخ اقتسموا سره كله، كلٌ على قدر صِدقه، والنساء الصادقات شقائق الرجال في نيل أسرار الولاية. وقد تقدم أول السورة أن مدد الشيخ كنهر أو كبحر يصب في القواديس، فإذا انسدت قادوس انتقل ماؤها إلى الأُخرى. والله تعالى أعلم.