الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

ثم أخبر عن الاستفتاء عن أهل البقاء بعد الإخبار عن أهل الفناء بقوله تعالى: { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [النساء: 176]، والإشارة: إن الله تعالى لم يكل بيان قسم التركات إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه تعالى وكل بيان أركان الإسلام من الشهادة والصلاة والزكاة والحج إليه صلى الله عليه وسلم وأحكام الشريعةوَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ } [الحشر: 7]، وولاه ببيان القرآن العظيم، وقال:لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } [النحل: 44]، وتولى قسم التركات بنفسه جل جلاله كما قال صلى الله عليه وسلم: " إن الله لم يرض بملك مقرب ولا نبي مرسل " ، حتى تولى قسم التركات وأعطي كل ذي حق حقه، إلا فلا وصية للوارث، وأنتم لم توله قسم التركات؛ لأن الدنيا مزينة للناس، والمال محبب إلى الطباع، وجبلت النفوس على الشح، فلو لم ينص الله على مقادير الاستحقاق وكان القسم موكولاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم لعل الشيطان أوقع في بعض النفوس كراهة عن النبي صلى الله عليه وسلم لذلك فيكون كفراً، كقوله: صلى الله عليه وسلم " لا يكون بعدكم مؤمناً حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين " كما " أوقع في نفوس بعض شبان الأنصار يوم حنين أفاد الله ورسوله أموال هو أذن وصفق النبي صلى الله عليه وسلم يعطي رجلاً من قريش المائة من الإبل كل رجل منهم فقالوا: يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشاً ويتركنا وسيوفنا تفطر من دمائهم قال أنس رضي الله عنه فحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالهم فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من آدم ولم يدع أحداً من غيرهم فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ما حديث بلغني عنكم كذا وكذا الذي " قالوا: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إِنِّ أُعْطِى رِجَالاً حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِكُفْرٍ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالأَمْوَالِ وَتَرْجِعُونَ إِلَى رِحَلِكُمْ بِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَوَاللهِ مَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ ". قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ رَضِينَا - صلى الله عليه وآله وسلم - " فأزال ما وقع الشيطان في نفوسهم بهذه اللطائف، فلو كان قسم التركات إليه لكان كلهم للشيطان إلى آخر الدنيا، أن يوقع الشر في نفوس الأمة ولم يمكن إزالته عن النفوس لتعذر الوصول إلى الخلق في حال الحياة وبعد الوفاة، فتولى تعالى ذلك؛ لأنهبِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [التغابن: 11]، ولعباده غفور رحيم، فختم تلك الجملة بما نص على المقادير في الميراث فضلاً منه وقطعاً لمواد الخصومات بين ذوي الأرحام، ورحمة على النسوان في التوريث لضعفهن وعجزهن على الكسب، وإظهار التفضيل للذكور عليهن في دينهن وتبياناً للمؤمنين؛ لئلا يضلوا بظن السوء بالنبي صلى الله عليه وسلم { يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [النساء: 176].