الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

اللغة: قد ذكرنا معنى الكلالة في أول السورة والاستفتاء السؤال عن الحكم وهو استفعال من الفتيا. ويقال: أفتى في المسألة إذا بيَّن حكمها فتوى وفتيا. الإعراب: { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } يسأل عن أيّ الفعلين أعمل في الكلالة والجواب أنّ العمل الثاني وهو يفتيكم والتقدير { يستفتونك } في الكلالة { قل الله يفتيكم في الكلالة } وأعمال الفعل الثاني هو الأجود وجاء عليه القرآن نحو قولـه:وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله } [المنافقون: 5] فاعمل يستغفر ولو أعمل تعالوا لقال تعالوا يستغفر لكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنه قول طفيل:
وكَمْتــاً مُدَمّـاةً كَـأنَّ مُتُونَـها   جَرى فَوْقَها واسْتَشْعَرَتْ لَوْنَ مُذْهب
فأعمل استشعرت ولو أعمل جرى لقال واستشعرته لون مذهب ومثل ذلك قول كثير:
قَضى كُلّ ذي دَينٍ فَوَفّى غَرِيمَهُ   وَعَزَّةُ مَمْطُولٌ مُعَنَّى غَرِيمُها
فأعمل وفى ولو أعمل قضى لقال قضى كل ذي دين فوفاه غريمه وهو كثير في القرآن والشعر. وقولـه: { إن امرؤ هلك } ارتفع امرؤ بإضمار فعل يفسره ما بعده وتقديره أن هلك أمرؤ هلك ولا يجوز إظهاره لأن الثاني يعبر عنه. وقولـه فإن كانتا اثنتين إنما ذكرت اثنتين وإن دلت الألف عليهما لأحد أمرين إما أن يكون تأكيداً للضمير كما تقول أنا فعلت أنا وإما أن يبين أن المطلوب في ذلك العدد دون غيره من الصفات من صغر أو كبر أو عقل أو عدمه بل متى حصل العدد ثبت الميراث وهذا قول أبي علي الفارسي وهو الصحيح وقولـه رجالاً ونساء بدل من قولـه إخوة وهو خبر كان وقولـه: { يبين الله لكم أن تضلوا } في أن ثلاثة أقوال أحدها: أن المعنى { أن لا تضلوا } أضمر حرف النفي وتلخيصه لئلا تضلوا عن الكسائي وأنشد القطامي:
رَأَينا مَا يَرَى البُصَراءُ فِيها   فآليْــنا عَلَيْـها أنْ تُبـاعا
يريد أن لا تباع وثانيها: ما قاله البصريون أن المعنى كراهة أن تضلوا فهو على هذا في موضع نصب بأنه مفعول له ومثله قول عمرو بن كلثوم:
فعجلنا القرى أن تشتمونا   
أي كراهة أن تشتمونا قالوا ولا يجوز أن يضمر لا لأنه حرف جاء لمعنى فلا يجوز حذفه ولكن يجوز أن تدخل لا في الكلام مؤكدة وهي لغو كقولـه: { لأن لا يعلم أهل الكتاب } أن لا يقدرون والمعنى لأن يعلم وكقول الشاعر:
وَما ألُومُ الْبيضَ أنْ لا تَسْخَرا   إذا رَأَيْـــنَ الشَّمَطَ الْقَفَنْدَرا
والمعنى أن تسخرا وثالثها: ما قاله الأخفش وهو أنّ مع الفعل بتأويل المصدر وموضع أن نصب يُبيّن وتقديره يبين الله لكم الضلال لتجتنبوه. النزول: اختلف في سبب نزول الآية فروي عن جابر بن عبد الله أنه قال: " اشتكيت وعندي تسع أخوات لي أو سبع فدخل عليّ النبي فنفخ في وجهي فأفقت فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أوصي لأخواتي بالثلثين. قال: " أحسن " قلت: الشطر. قال: " أحسن " ثم خرج وتركني ورجع إليّ فقال: " يا جابر إني لا أراك ميتاً من وجعك هذا وأن الله تعالى قد أنزل في الذي لأخواتك فجعل لهن الثلثين "

السابقالتالي
2 3