الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى ٱلْحُرُّ بِالْحُرِّ وَٱلْعَبْدُ بِٱلْعَبْدِ وَٱلأُنثَىٰ بِٱلأُنْثَىٰ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَٱتِّبَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ يَٰأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ } أى فرض، وأصله خط، ولما كان الخط لإنفاذ ما خط كان بمعنى فرض مجازاً ثم صار حقيقة عرفية فى معنى الإلزام، وتقرى ذلك بعلى فى قوله { عَلَيْكُمُ } أيها المؤمنون والقاتلون وولاة الأمر، فالخطاب بالكاف للذين آمنوا والقاتلين وولاة الأمر كقوله تعالى:يَٰأيُهَا النبى إذَا طَلقْتُم النساءَ } [الطلاق: 1] فالخطاب للنبى وسائر المطلقين، يقال لرئيس القوم يا فلان إذا جئتم أكرمتكم { الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى } المماثلة فيهم أى فى قتل القتلى، أى فى شأنه أو بسببه، ومنه المقص لتساوى أطرافه، والقصة لأنها تساوى المحكى، والقاص لأنه يذكر بلا تغيير، وإلا عد محرفا، وذلك بأن يقتل القاتل فقط، كما قتل القاتل إنساناً فقط ويقتل العبد إذا قتل عبداً كما قتل العبد، ولا يقتل به الحر وهكذا، ومعنى كتب عليكم القصاص أنه حق واجب على القاتل لمن له لدم، ووجوبه لا ينافى أنه يجوز العفو مطلقاً والعفو عن القتل مع أخذ الدية، كما تقول يجب على المدين أن يقضى الغريم، فإنه لو ترك الغريم الدين جاز، فلا عطاء على المدين. نزلت الآية فى الأوس والخزرج، كان لأحدهما، ولعلهم الأوس، على الآخرين قرة وشرف، وكانوا ينكحون نساءهم بلا مهر، وأقسموا لنقتلن الحر منهم بالعبد منا، وبالمرأة منا الرجل منهم، بلا ردٍّ لنصف دية الرجل، وبالرجل الرجلين، وجعلوا جراحاتهم ضعف جراحات أولئك، فرفعوا أمرهم إلى النبى صلى الله عليه وسم فأمرهم الله بالمساواة، فرضوا وسلموا، ويقال ذلك بين قريظة والنضير من اليهود، ويقولون لنبى قريظة: إذ قتلتم عبداً قتلنا منكم حراً، وإذا قتلتم منا حرّاً قتلنا منكم حرين، ونقتل رجلكم بأنثانا، قيل ويرده قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا } وهؤلاء كفرة، ويجاب بأنه وقع ذلك بين الأوس والخزرج، ووقع أيضاً بين قريظة والنضير، كما مر، أنهم تحالفوا، إحداهما مع الأوس، والأخرى مع الخزرج، فغلب المؤمنون وهم الأوس والخزرج، وبأن المؤمنين هم الحكام على قاتل من اليهود ومن المسلمين { الْحُرُّ بِالْحُرِّ } يقتل الحر الواحد بالحر، لا بالعبد، ولا حران بحر واحد، أو الحر يقتل بالحر وكذا ما بعده { وَالْعَبْدُ } الواحد لا اثنان ولا الحر { بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى } لا الأنثيان ولا الذكر بلا رد لنصف دية الذكر { بِالأُنْثَى } والخنثى بالخنثى، لا الذكر به بلا رد زائد، ولا الخنثى بالمرأة بلا رد، وقيل بينت السنة أن الذكر يقتل بالأنثى بلا رد، وأنه تعتبر المماثلة فى الدين، وأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، فلا يقتل مسلم ولو عبداً بكافر ولو حرّاً، ويقتل كافر بمسلم، وعن على: مضت السنة أن لا يقتل مسلم بذى عهد، ولا حر بعبد، والمشرك غير ذى العهد أولى بأن لا يقتل به مؤمن، وكان أبو بكر عمد كلما قتل عبداً لا يقتلانه به، سواء أكان له أم لغيره، وهما عمدة بين الصحابة ولم يخالفهما أحد، وقتل رجل عبده فجلده رسول الله صلى الله عليه وسلم ونفاه سنة، ولم يصح عن مالك والشافعى أنه لا يقتل الذكر بالأنثى، وقيل عن أبى حنيفة أنه يقتل الحر فى العبد المؤمن، لقوله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2