الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } * { وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }

المعنى إمَّا: كانوا قليلاً وكانوا لا ينامون إلا بالليل كقوله تعالى:وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ } [سبأ: 13] أو: كان نومُهم بالليل قليلاً، أو: كانوا لا ينامون بالليل قليلاً.

{ وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }: أخبر عنهم أنهم - مع تهجدهم ودُعائهم - يُنْزِلون أنفسَهِم في الأسحار منزلةَ العاصين،فيستغفرون استصغاراً لِقدْرِهم، واستحقاراً لِفعْلهم.

والليلُ... للأحباب في أُنْس المناجاة، وللعصاة في طلب النجاة. والسهرُ لهم في لياليهم دائماً؛ إمّا لفَرْطِ أَسَفٍ أولِشدَّةِ لَهَفٍ، وإمَّا لاشتياقٍ أو لفراقٍ - كما قالوا:
كم ليلةٍ فيك لا صباحَ لهـا   أفنْيَتُهَا قابضـاً على كبدي
قـد غُصَّـت العيـنُ بالدمـوعِ وقـد   وَضَعْـتُ خـدي على بنـان يـدي
وإمّا لكمال أُنْسٍ وطيب روح - كما قالوا:
سقـى اللَّهُ عيشـاً قصيـراً مضـى   زمـانَ الهـوى في الصبـا والمجـون
لياليـه تحكـي انسـدادَ لحـاظٍ   لَـعْينِـي عنـد ارتـداد الجفـون