الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَصْبَحَ فِي ٱلْمَدِينَةِ خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا ٱلَّذِي ٱسْتَنْصَرَهُ بِٱلأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ }

أي: بعد أن قتل موسى القبطيَّ صار خائفاً منهم { يَتَرَقَّبُ.. } [القصص: 18]. ينظر في وجوه الناس، يرقب انفعالاتهم نحوه، فربما جاءوا ليأخذوه، كما يقولون: يكاد المريب أنْ يقول: خذوني، فلو جلس قوم في مكان، ثم فاجأهم رجال الشرطة تراهم مطمئنين لا يخافون من شيء، أما المجرم فيفر هارباً. ومن ذلك ما يقوله أهل الريف: اللي على راسه بطحة يحسس عليها. وهو على هذه الحال من الخوف والترقُّب إذ بالإسرائيلي الذي استغاث به بالأمس { يَسْتَصْرِخُهُ.. } [القصص: 18] استصرخ يعني: صرخ، ونادى على مَنْ يُخلّصه، وهو انفعال للاستنجاد للخلاص من مأزق، ومن ذلك قوله تعالى حكاية عن إبليسمَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ.. } [إبراهيم: 22]. وسبق أن تكلَّمنا في همزة الإزالة نقول: صرخ فلان يعني استنجد بأحد فأصرخه يعني: أزال سبب صراخه، فمعنى الآية: أنا لا أزيل صراخكم، ولا أنتم تزيلون صراخي. عندها قال موسى عليه السلام لصاحبه الذي أوقعه في هذه الورطة بالأمس { إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ } [القصص: 18] تريد أنْ تُغويَني بأنْ أفعل كما فعلت بالأمس، وما كان موسى - عليه السلام - ليقع في نفس الخطأ الذي وقع فيه، فلا يُلْدَغ المؤمن من جُحْر مرتين.