الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }

{ يا أيُّها الَّذينَ آمنُوا كُتبَ عَليكُم الصِّيامُ } فرض عليكم الصوم، والصوم والصيام لغة الإمساك عن الشئ، صام النهار أى اعتدل، وأمسك عن الميل، وقام قائم الظهيرة، وصامت الريح أمسكت عن الهبوب، وصام زيد أمسك عن الكلام، قال الله جل وعلا حكايةإنىِّ نذرْتُ للرَّحمن صوماً } أى ضمناً، وصام الفرس أى كف عن المشى، وصام زيد عن الأكل أو الشرب أمسك، وصام الشئ مطلقا عن الشئ مطلقا أمسك عنه، ولا يشترط كون ما يمسك عنه تنزع إليه النفس كما قيل قال النابغة
خيلٌ صيام وخيل غيرُ صائمة تحت العَجاج وأخرى تعلُك اللّجما   
وقال امرؤ القيس
فدعها وسلِّ الهمَّ عنك بحسرة ذمول إذا صام النهار وهجرا   
وقال الشاعر
حتى إذا صام النهار واعتدل وصار للشمس لعاب فنزل   
أنشد ذلك الجوهرى وصاحب الوضع رحمهُ الله، وجازاه عنا خيراً، ولعلهُ أبو زكرياء يحيى الجدوى، وقال الشيخ أحمد الشماخى رحمهُ الله فى السير. ومنهم أبو زكرياء الجدوى، وأظنه مؤلف كتاب الوضع، وهو كتاب مفيد به يقع ابتداء من أراد الفقه، ولا يقال أبو زكرياء هذا هو الجناونى وحرف بالجادوى، لأن الجناونى ذكره قبل هذا بنحوستة أوراق، ولأن الأصل عدم التحريف، ثم ذكر بعد ذلك أبا زكرياء يحيى بن إبراهيم، وقال أبو القاسم البرادى العلامة إن صاحب كتاب الوضع هو أبو زكرياء يحيى الجناونى صاحب الديوان المقدم فى العمل على ديوان الأشياخ المتقدم عليها فيه ديوان الشيخ عامر رحمهم الله ورزقنا سلوك طريقهم. وقال العلامة أبو عبد الله محمد بن عمرو بن أبى ستة رأيت بخط قديم لبعض أصحابنا فى نسبة الوضع ما نصه تأليف الفقيهِ أبى زكرياء يحيى بن إبراهيم قدس لله روحه وكرم مثواه إنه سميع مجيب. والصيام فى الآية مصدر، ويستعمل جمع صائم أو صائمة كما فى بيت النابغة. والصوم والصيام شرعا الإمساك عن الأكل والشرب إجماعا، وعما يصل الجوف مطلقا عندنا من الأجسام، وعن الجماع والمعاصى فى شهر رمضان من طلوع فجر كل يوم إلى غروبه. مع نية كونه فرضا، والتقرب به إلى الله جل وعلا. { كَما كُتِبَ عَلى الَّذِينَ مِنْ قَبلِكُم } يعنى الأنبياء والأمم كلهم من لدن آدم عليهِ السلام إلى عهدكم، ولو اختلفت مدة الصوم وزمانه فإنا مخصوصون برمضان على التحقيق، ثم رأيته للجمهور والحمد لله* قال على بن أبى طالب أولهم آدم يعنى فرض الصوم على آدم ومن بعده إلى قيام الساعة، وفى ذلك ترغيب فى الصوم ووجوبه وتطيب للنفس، أى صوموه فقد صامه من قبلكم، وفرض عليهم كما فرض عليكم، ولم يفرض عليكم وحدكم، وقد شاع أن الأمر الشديد إذا عم هان لما شق الصوم على النفس، لأن فيه الإمساك عما تشتهيه من المفطرات أكده بذلك كما سهلهُ بعد بتقليله.

السابقالتالي
2