الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

{ شَهْرُ رَمَضَانَ } مبتدأ خبره الموصول بعده، ويكون ذكر الجملة مقدمة لفرضية صومه بذكر فضله، أو { فَمَن شَهِدَ } والفاء لتضمنه معنى الشرط لكونه موصوفاً بالموصول، أو خبر مبتدأ محذوف تقديره ذلكم الوقت الذي كتب عليكم الصيام فيه، أو المكتوب شهر رمضان، أو بدل من الصيام بدل كل بتقدير مضاف، أي كتب عليكم الصيام صيام شهر رمضان، وما تخلل بينهما من الفصل متعلق بـكُتِبَ } [البقرة: 183] لفظاً أو معنى فليس بأجنبـي مطلقاً، وإن اعتبرته بدل اشتمال استغنيت عن التقدير، إلا أن كون الحكم السابق ـ وهو فرضية الصوم ـ مقصوداً بالذات، وعدم كون ذكر المبدل منه مشوقاً إلى ذكر البدل يبعد ذلك، وقرىء { شَهْرَ } بالنصب على أنه مفعول لتصوموا محذوفاً؛ وقيل: إنه مفعولوَأَن تَصُومُواْ } [البقرة: 184] وفيه لزوم الفصل بين أجزاء المصدرية/ بالخبر، وجوز أن يكون مفعولتَعْلَمُونَ } [البقرة: 184] بتقدير مضاف ـ أي شرف شهر رمضان ونحوه ـ وقيل: لا حاجة إلى التقدير، والمراد: إن كنتم تعلمون نفس الشهر ولا تشكون فيه، وفيه إيذان بأن الصوم لا ينبغي مع الشك ـ وليس بشيء كما لا يخفى ـ والشهر المدة المعينة التي ابتداؤها رؤية الهلال، ويجمع في القلة على أشهر، وفي الكثرة على شهور، وأصله من شهر الشيء أظهره، وهو ـ لكونه ميقاتاً للعبادات والمعاملات ـ صار مشهوراً بين الناس، و (مضان) مصدر رمض ـ بكسر العين ـ إذا احترق، وفي «شمس العلوم» من المصادر التي يشترك فيها الأفعال فعلان ـ بفتح الفاء والعين ـ وأكثر ما يجيء بمعنى المجيء والذهاب والاضطراب ـ كالخفقان والعسلان واللمعان ـ وقد جاء لغير المجيء والذهاب كما في ـ شنأته شنآناً إذا بغضته ـ فما في «البحر» من أن كونه مصدراً يحتاج إلى نقل ـ فإن فعلاناً ليس مصدر فعل اللازم ـ فإن جاء شيء منه كان شاذاً، فالأولى أن يكون مرتجلاً لا منقولاً ناشيء عن قلة الاطلاع، والخليل يقول: إن من الرمض ـ مسكن الميم ـ وهو مطر يأتي قبل الخريف يطهر وجه الأرض عن الغبار، وقد جعل مجموع المضاف والمضاف إليه علماً للشهر المعلوم، ولولا ذلك لم يحسن إضافة (شهر) إليه كما لا يحسن ـ إنسان زيد ـ وإنما تصح إضافة العام إلى الخاص إذا اشتهر كون الخاص من أفراده، ولهذا لم يسمع شهر رجب وشهر شعبان، وبالجملة فقد أطبقوا على أن العلم في ثلاثة أشهر مجموع المضاف والمضاف إليه شهر رمضان، وشهر ربيع الأول وشهر ربيع الثاني، وفي البواقي لا يضاف شهر إليه، وقد نظم ذلك بعضهم فقال:
ولا تضف شهراً إلى اسم شهر   إلا لما أوله ـ الرا ـ فادر
واستثن منها رجباً فيمتنع   لأنه فيما رووه ما سمع

السابقالتالي
2 3 4 5