الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَٱلآنَ بَٰشِرُوهُنَّ وَٱبْتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلْخَيْطُ ٱلأَبْيَضُ مِنَ ٱلْخَيْطِ ٱلأَسْوَدِ مِنَ ٱلْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّليْلِ وَلاَ تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَٰكِفُونَ فِي ٱلْمَسَٰجِدِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ ءَايَٰتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }

أخرج وكيع وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود والترمذي والنحاس في ناسخه وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه عن البراء بن عازب قال " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائماً فحضر الإِفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائماً، فكان يومه ذاك يعمل في أرضه، فلما حضر الإِفطار أتى امرأته فقال: هل عندك طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطلق فأطلب لك فغلبته عينه فنام، وجاءت امرأته فلما رأته نائماً قالت: خيبة لك أنمت؟ فلما انتصف النهار غشي عليه، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية { أحل لكم ليلة الصيام الرفث } إلى قوله { من الفجر } ففرحوا بها فرحاً شديداً ".

وأخرج البخاري عن البراء قال: لمَّا نزل صوم شهر رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، فكان رجال يخونون أنفسهم، فأنزل الله { علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم }.

وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم بسند حسن عن كعب بن مالك قال " كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فنام حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد، فرجع عمر بن الخطاب من عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وقد سمر عنده، فوجد امرأته قد نامت، فأيقظها وأرادها فقالت: إني قد نمت فقال: ما نمت ثم وقع بها. وصنع كعب بن مالك مثل ذلك، فغدا عمر بن الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأنزل الله { علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم } ".

وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة قال: كان المسلمون قبل أن تنزل هذه الآية إذا صلوا العشاء الآخرة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء حتى يفطروا، وأن عمر أصاب أهله بعد صلاة العشاء، وأن صرمة بن قيس غلبته عينه بعد صلاة المغرب فنام فلم يشبع من الطعام، ولم يستيقظ حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، فقام فأكل وشرب، فلما أصبح أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، فأنزل { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } يعني بالرفث مجامعة النساء { كنتم تختانون أنفسكم } يعني تجامعون النساء، وتأكلون وتشربون بعد العشاء { فالآن باشروهن } يعني جامعوهن { وابتغوا ما كتب الله لكم } يعني الولد { وكلوا واشربوا } فكان ذلك عفواً من الله ورحمة.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس " أن المسلمين كانوا في شهر رمضان إذا صلوا العشاء حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة، ثم إن ناساً من المسلمين أصابوا الطعام والنساء في رمضان بعد العشاء منهم عمر بن الخطاب، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله { أحل لكم ليلة الصيام } إلى قوله { فالآن باشروهن } يعني انكحوهن ".

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد