الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَماَّ تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّآ أَثْقَلَتْ دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ }

{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } وهي نفس آدم عليه السلام { وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } أي: من جنسها، كقوله تعالى:وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً } [الروم: 21] { لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } أي: ليطمئن إليها ويميل، ولا ينفر، لأن الجنس إلى الجنس أميل، وبه آنس، وإذا كانت بعضاً منه كان السكون والمحبة أبلغ، كما يسكن الإنسان إلى ولده، ويحبه محبة نفسه، لكونه بضعة منه. وذُكّر { لِيَسْكُنَ } بعد ما أنث في قوله: { وَاحِدَةٍ } و { مِنْهَا زَوْجَهَا } ذهاباً إلى معنى النفس، ليبين أن المراد بها آدم، ولأن الذكر هو الذي يسكن إلى الأنثى ويتغشاها، فكان التذكير أحسن طباقاً للمعنى. أفاده الزمخشري.

{ فَلَماَّ تَغَشَّاهَا } أي: وطئها. و(التغشي) كناية عن الجماع، وكذلك الغشيان والإتيان. { حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً } أي: خفّ عليها، وذلك أول الحمل، لا تجد المرأة له ألماً، إنما هي النطفة، ثم العلقة، ثم المضغة { فَمَرَّتْ بِهِ } أي: فاستمرت به خفيفة، وقامت وقعدت { فَلَمَّآ أَثْقَلَتْ } أي: صارت ذات ثقل، لكبر الولد في بطنها { دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً } أي: ولداً سويًّا قد صلح بدنه، أو غلاماً { لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ } أي: على نعمائك التي منها هذه النعمة.