قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ ٱللَّهِ يَدْعُوهُ }؛ معناهُ: وأنَّهُ لَمَّا قامَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يدعُو اللهَ ويقرأُ القرآنَ في الصَّلاة ببَطنِ نخلةٍ بين مكَّة والطائف إذ أتَى تسعةٌ من الجنِّ، { كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً }؛ أي كادُوا يَسقُطون عليه رغبةً في القرآنِ وتعجُّباً منه وحُبًّاً لاستماعهِ. ومعنى (لِِبَداً) كاد يركبُ بعضُهم بَعضاً في الازدحامِ، وقرأ (لُبَداً) وهي قراءةُ مجاهد، فهي بمعنى الكثيرِ من قوله{ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً } [البلد: 6]، وقال الحسنُ وقتادة: (لَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَلَبَّدَتِ الإنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ، فَأَبَى اللهُ إلاَّ أنْ يَنْصُرَهُ وَيُظْهِرَهُ عَلَى مَنْ نَاوَأهُ). ويقالُ: لَمَّا قامَ صلى الله عليه وسلم في عبادتهِ بمكَّة، كادَ مُشركو مكَّة بشدَّة كَيدِهم له أن يكُونوا عليه مُتَكاتِفِينَ بعضهم فوقَ بعضٍ ليُزِيلوهُ بذلك عن دعوتهِ إلى اللهِ.