الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ }

قوله تعالى { فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ } ليس فى القران ذكر الذات المجرد عن ذكر الصفات والافعال الا هٰهنا والله اعلم فههنا خبر عن عين الالوهية التى تقتضى التوحيد المجرد الخالى عن التفرقة فى طلب الصفة والفعل فدعا حبيبه الى روية عيان الذات بنعت العلم واراد ان يعجزه فى روية ذاته عن درك الكل ويذوّق طعم الفناء فى سطوات عزة ذاته لا انه دعاه الى ان يعلم كنه عين القدم فانه منزه عن ادراك الخليقة بل عرّفه نعوت الاولية المنزهة عن الادراك وعن درك المتحيرين فيه بان يدركوه بعجزهم فان العاجز منقطع بعجزه عنه بكل حال وايضا دعاه الى علم افراد القدم عن الحدوث قوله فاعلم انه لا إله الا الله فافاد علمه طرفين من العلم الاول نفى الاضداد والثانى اثبات الذات والمقصود منه هذان الحالان من النفى والاثبات الا انه اعلم كنه الالوهية الا ترى كيف قال فاعلم انه لا اله هو نفى الاضداد والا الله اثبات الالوهية وكيف دعاه الى العلم ببطون الازل وهو مستحيل ان يعلمها الحقيقة بالحقيقة واشارة قوله واستغفر لذنبك اى من وجودك فى مطالعتى ووجود جلالى فان بقاء وجود الحدث فى بقاء الحق اعظم الذنوب وايضا اذا دعاه الى العلم بوحدانيته وقع له عليه السّلام انه يعلم الحق بالحقيقة فى سرعة شوقه اليه وكمال محبته له فعرفه الحق موضع خاطره فى شوقه انه لا يمكن ذلك وهو مستحيل وهو ذنب فامره بالاستغفار منه بنعت عرفانه عجزه عن درك حقائق وجود القدم وايضا البس روح محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم نوراً من نور علمه وجعله عالما بعلمه ومتصفا بصفته فلما باشر ذلك النور نور روحه وتجلى الحق لسره من عين علمه صار عالما بعلم الحق على الحق فلما وجده بهذه المثابة دعاه الى العلم بحقيقة احديته بنعت زوال الشواهد والجواهر والاعراض والنظر الى الافعال وطلب الصفة الى الذات فتطرق بالحق الى الحق ليعلمه فحار سره فى ميادين الازل والابد واستغرق فى بحار اولية روحه وسره ولم يدركه وكلما وجد علما فنى فى علم أخر وذهب علم الاول فى العلم الثانى فلما وجده الحق عاجزا عن دركه امره بالاستغفار لما فيه من بقاء وجوده فى مقام الاتصاف فان فى الاتصاف بقى العبد وبقاء العبد فى الاتصاف حجاب الاتصاف فاذا بقى وجده يحتجب به عن الادراك فاذا لم يبق بقى الحق وهو عالم بنفسه ازلا وابدا فوجوده تكلف فى البين إذ الحق عالم به لا هو فامره الحق بالاستغفار عن بقائه فى الاتصاف فانه ذنب عظيم اذ به محتجب عن مقصوده لذلك عرف حاله صلوات الله عليه وقال

السابقالتالي
2