الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ }

{ لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا } أي بسببها وحقيقته / لا يصدر صداعهم عنها، والمراد أنهم لا يلحق رؤوسهم صداع لأجل خمار يحصل منها كما في خمور الدنيا، وقيل: لا يفرقون عنها بمعنى لا تقطع عنهم لذتهم بسبب من الأسباب كما تفرق أهل خمر الدنيا بأنواع من التفريق.

وقرأ مجاهد (لا يصدعون) بفتح الياء وشد الصاد على أن أصله يتصدعون فأدغم التاء في الصاد أي لا يتفرقون كقوله تعالى:يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } [الروم: 43]، وقرىء { لا يصدعون } بفتح الياء والتخفيف أي لا يصدع بعضهم بعضاً ولا يفرقونهم أي لا يجلس داخل منهم بين اثنين فيفرق بين المتقاربين فإنه سوء الأدب وليس من حسن العشرة.

{ وَلا يُنزَفُونَ } قال مجاهد وقتادة والضحاك: لا تذهب عقولهم بسكرها من نُزِفَ الشارب كعني إذا ذهب عقله، ويقال للسكران نزيف ومنزوف، قيل: وهو من نزف الماء نزحه من البئر شيئاً فشيئاً فكأن الكلام على تقدير مضاف.

وقرأ ابن أبـي إسحٰق وعبد الله والسلمي والجحدري والأعمش وطلحة وعيسى وعاصم كما أخرج عنه عبد بن حميد { ولا ينزفون } بضم الياء وكسر الزاي من أنزف الشارب إذا ذهب عقله أو شرابه، ومعناه صار ذا نزف؛ ونظيره أقشع السراب وقشعته الريح وحقيقته دخل في القشع، وقرأ ابن أبـي إسحاق أيضاً { وَلاَ ينزفون } بفتح الياء وكسر الزاي قال: في «المجمع» وهو محمول على أنه لا يفنى خمرهم، والتناسب بين الجملتين على ما سمعت فيهما أولا على قراءة الجمهور أن الأولى لبيان نفي الضرر عن الأجسام، والثانية لبيان نفي الضرر عن العقول وتأمل لتعرفه إن شاء الله تعالى على ما عدا ذلك.