الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ للَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجِّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

المعنى:

وروي عن الشعبي: أنه قرأ { والعمرة لله } رفعاً، وذهب إلي أنها ليست واجبة، كما قال أهل العراق. وعندنا، وعند الشافعي: أنها واجبة، كوجوب الحجّ.

والقرّاء كلهم على النصب، والعمرة عطفاً على قوله { وأتموا الحج } وتقديره، وأتموا العمرة لله. وأمر الله تعالى جميع من توجه إليه وجوب الحجّ أن يتم الحجّ والعمرة. وقيل في إتمام الحجّ والعمرة أقوال:

أحدها - أنه يجب أن يبلغ آخر أعمالها بعد الدخول فيهما وهو قول مجاهد، وأبي العباس المبرد، وأبي علي الجبائي.

والثاني - قال سعيد بن جبير، وعطا، والسدي: إنّ معناه إقامتهما الى آخر ما فيهما، لأنهما واجبان.

الثالث - قال طاووس: أتمامهما إفرادهما.

الرابع - قال قتادة: الاعتمار في غير أشهر الحج. وأصح الاقوال الأول.

والحج هو القصد الى البيت الحرام، لاداء مناسك مخصوصة بها في أوقات مخصوصة. ومناسك الحج تشتمل على المفروض، والمسنون. والمفروض يشتمل على الركن، وغير الركن، فأركان الحج أوّلا: النية، والاحرام، والوقوف بعرفة، والوقوف بالمشعر، وطواف الزيارة، والسعي بين الصفا والمروة. والفرائض التي ليست بأركان: التلبية، وركعتا طواف الزيارة، وطواف النساء، وركعتا الطواف له. والمسنونات: الجهر بالتلبية واستلام الأركان، وأيام منى، ورمى الجمار، والحلق أو التقصير، والأضحية إن كان مفرداً. وإن كان متمتعاً فالهدي واجب عليه، وإلا فالصوم الذي هو بدل عنه، وتفصيل ذلك ذكرناه في النهاية، والمبسوط، والجمل والعقود، لا نطول بذكره. وفي هذه المناسك خلاف كثير - بين الفقهاء - ذكرناه في مسائل الخلاف.

والعمرة واجبة كوجوب الحج، وبه قال الحسن، وابن عباس، وابن مسعود, وابن عمر، وعطا، وابن جبير، وعمرو بن عبيد، وواصل بن عطا، والشافعي. وقال ابراهيم النخعي، والشعبي، وسعيد بن جبير، وأهل العراق: إنها مسنونة. وعن ابن مسعود فيه خلاف، فمن قال: إنها غير واجبة قال: لأن الله تعالى أمر باتمام الحج والعمرة، ووجوب الاتمام لا يدل على أنه واجب قبل ذلك، كما أن الحج المتطوع به يجب إتمامه وإن لم يجب الدخول فيه، قالوا: وإنما علينا وجوب الحج بقوله تعالى:ولله على الناس حج البيت } وهذا ليس بصحيح، لأنا قد بينا أن معنى أتموا الحج والعمرة أقيموهما، وهو المروي عن علي (ع) وعن علي بن الحسين مثله، وبه قال مسروق، والسدي.

والعمرة هي الزيارة في اللغة. وفي الشرع عبارة عن زيارة البيت لاداء مناسك مخصوصة أي وقت كان من أيام السنة. وأفعال العمرة الواجبة: النية، والاحرام، والطواف، والصلاة عند المقام، والسعي بين الصفا والمروة، وطواف النساء. وفي بعض ذلك خلاف ذكرناه في الخلاف.

وقوله { فإن أحصرتم } فيه خلاف، قال قوم: فان منعكم خوف، أو عدّو، أو مرض، أو هلاك بوجه من الوجوه، فامتنعتم لذلك.

السابقالتالي
2 3 4 5