الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي ٱلْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُونِ يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ }

القراءة:

قرأ ابن كثير، وأبو عمرو { فلا رفث ولا فسوق } بالرفع، { ولا جدال } بالنصب. الباقون بالنصب فيهنّ تقدير الآية: أشهر الحجّ أشهر معلومات، فحذف المضاف، وأقام المضاف اليه مقامه. وأشهر الحجّ - عندنا - شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، على ما روي عن أبي جعفر (ع) وبه قال ابن عباس، وابن عمر، وابراهيم، والشعبي، ومجاهد، والحسن، واختاره الجبائي. وقال عطا، والربيع، وابن شهاب، وطاووس: أشهر الحجّ شوال، وذو القعدة، وذو الحجة. وروي ذلك في أخبارنا، وإنما هذه أشهر الحج، لأن الاحرام بالحج لا يصح أن يقع إلا فيها - بلا خلاف - وعندنا - أن الاحرام بالعمرة التي يتمتع بها لا يقع أيضاً إلا فيها. ومن قال: إن جميع ذي الحجة من أشهر الحج، قال: لأن جميع ذي الحجة يصح أن يقع فيه شيء من أفعال الحج، مثل صوم الثلاثة أيام، فانه يصح أن يقع في جميع ذي الحجة، وكذلك يصح أن يقع ذبح الهدي فيه. وقال قوم: إن المعنى واحد في قول الفريقين. وقال آخرون: هو مختلف من حيث أن الثاني معناه: أن العمرة لا ينبغي أن تكون في الأشهر الثلاثة على الكمال، لأنها أشهر الحج، والأول على أنها لا ينبغي أن تكون في شهرين وعشر من الثالث، فقد روي عن ابن عمر: ان تفصلوا بين الحج والعمرة، فتجعلوا العمرة في غير أشهر الحج، أتم لحج أحدكم وأتم لعمرته. وروي ذلك عن القاسم بن محمد عن ابن شهاب عن عبد الله، وابن سيرين. وقد بينا مذهبنا في ذلك. فان قيل كيف جمع شهرين، وعشرة أيام ثلاثة أشهر؟ قلنا: لأنه قد يضاف الفعل الى الوقت وإن وقع في بعضه. ويجوز أن يضاف الوقت اليه كذلك، كقولك: صليت صلاة يوم الجمعة، وصلاة يوم العيد وإن كانت الصلاة في بعضه. ويقال أيضاً: قدم زيد يوم كذا، وخرج يوم كذا وإن كان قدومه أو خروجه في بعضه، فكذلك جاز أن يقال: شهر الحج ذو الحجة، وإن كان في بعضه، وإنما يفرض فيهن الحج، بأن يحرم فيهنّ بالحج - بلا خلاف - أو بالعمرة التي يتمتع بها بالحج - عندنا خاصة - وفي الاحرام بالحج وافقنا فيه ابن عباس، والحسن، وقتادة. وقال ابن عمر، ومجاهد: إنما يفرض فيهنّ بالتلبية. وقال بعض المتأخرين: يفرض بالعزم على أعمال الحج.

الاعراب:

ولا يجوز نصب أشهر - في العربية - على ما بيناه من المعنى من أن تقديره أشهر { الحج أشهر معلومات } أو وقت { الحج أشهر معلومات } وقد أجازوا الحج شهر ذي الحجة، لأنه معرفة كما تقول العرب: المسلمون جانب، والكفار جانب بالرفع، فاذا أضافوا نصبوا، فقالوا: المسلمون جانب أرضهم، والكفار جانب بلادهم.

السابقالتالي
2 3